المقالات

الدولة وكتائب حزب الله والفصائل الاخرى في العراق : فرص التعايش والتعاون والإسناد  


د.جواد الهنداوي *

                 

              قبلَ شروع الحكومة في التعامل مع الكتائب و الفصائل ، لا بُدَّ من الركون الى حقائق و وقائع تتعلق بمسار و بأهداف هذه الفصائل ، وبمعطيات إقليمية و دولية تهتم بها و تتعامل معها أيجاباً (بمساعدتها  ) وسلباً ( بمحاربتها ) .

         على الحكومة أنْ لا تعتبرها هدفاً لاستئصالها ، وانّما مشروعاً لاحتوائها و كسبها . هي ( و اقصد كتائب حزب الله و الفصائل ) واقع حال في العراق وليست في عداء مع الدولة ، و لا تسعى لتقويض مقومات الدولة ، بل بالعكس تعلن عن انَّ هدفها تعزيز مقومات الدولة ، وفي مقدمة تلك المقومات سيادة الدولة وسلطتها .

        ليست الوحيدة ( واقصد الفصائل ) في العراق ، مَنْ تملك سلاح و رجال دون رقابة و إشراف الدولة .

تعايشَ عراق ، بعد عام ٢٠٠٣ ،  و لايزال مع اكثر من تجربة ، شهدت بعضها اشهار السلاح ضّدَ سيادة ومصالح الدولة .

      لا ندعوا الى تكاثرها ، ( واقصد الفصائل ) ، و لا نروّج لعدائها ومحاربتها ، وانّما لتفهّم اسباب وجودها ، و دعوتها للتعاون مع الدولة و تعزيز سيادتها الداخلية والخارجية ، لولا الإرهاب و داعميه و مموليه لما كان وجود لهذه الفصائل ، و لولا تكالب قوى داخلية وخارجية و تهديدها للدولة ،لما كان لهذه الفصائل حضور ميداني فاعل . ضعف الدولة وتآمر قوى داخلية وخارجية على تفتيتها سبب أساسي لتأسيس هذه الفصائل .

      قوة الدولة و قدرتها على امتلاك سلاح متطور خطوة أساسية في دفع هذه الفصائل للتعاون مع الدولة ، والاطمئنان على ما تملكّه الدولة من قدرات و الاكتفاء بما تملكه الدولة من قدرات .

       كتائب حزب الله ، والفصائل الاخرى،تتخذ ،كما اعتقد ، من تجربة حزب الله في لبنان نموذجاً في التنظيم  و في الدفاع عن الوطن . و لا يمكن تجاهل دور حزب الله في تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الاسرائيلي ، و أيجاد توازن في الردع بين لبنان و اسرائيل . لبنان اليوم ، وبفضل صمود و مواجهة حزب الله لاسرائيل ، عزّزَ سيادته و حمى حدودهِ  ، مقارنة ما كان عليه لبنان في ثمانينيات و تسعينيات  القرن الماضي .

         لتكون سيادة العراق و آمنه الداخلي وتعزيز العراق كدولة هي المشتركات الأساسية بين الدولة ، بين الحكومة ، وهذه الفصائل .  لا تزال قوات تركية تحتل اجزاء في شمال العراق ، و لاتزال طائرات تركية تخترق الأجواء العراقية وتعتدي على مناطق في شمال العراق ، ويشهد التوغل التركي في العراق وفي سوريا على حجم الأطماع التركية والاستهتار بسيادة وحدود الدول . تعّرض العراق ولا يزال الى اعتداءات جويّة امريكية و اسرائيلة تحت عنوان مجهولة الهوية ، و قدرْ العراق اليوم هو التنديد والشكوى لمجلس أمن ،كشكوى  و دعوى ضحايا الإرهاب و الاغتيالات ضّدّ مجهول .

        و لا يزال تهديد الإرهاب و مموليه و داعميه حاضر في العراق ، ولا تزال افكار و جهود رائجة و إِعلامْ يتحدث عن انقلاب و تآمر  في العراق ، وجميعها تستهدف الدولة و مقوماتها ، ومن مقومات الدولة الشعب والأرض و السيادة .

       كُل ما ذُكر هي اخطار مُحدقة بالعراق و تحديات جديّة تواجه العراق ، وهي في ذات الوقت ، حقائق توظّفها الفصائل لتبرير وجودها واستمرارها و أمتلاكها السلاح .

      أصبحت الفصائل المسلحّة ظاهرة في منطقتنا ، و في العالم ، ولها وجود في دول و تتعامل معها الدول : بعضها يستهدف الدولة و مقوماتها كفصائل الإرهاب ، والفاعلة خاصة في العراق و سوريا وفي مصر واليمن وليبيا ، ولها مَنْ يمولها ويسّلحها ، ويوظفها تارة في سوريا وتارة يرحّلها الى ليبيا و تارة شرق الفرات وتارة أخرى غرب الفرات .

    و فصائل مسلحّة أخرى ولِدت و كبُرتْ كرّداً على ما فعلته الجماعات الإرهابية المسلحة ، و هدفها الدفاع عن الدولة و مقوماتها ، وقد برهّنت في الميدان قدراتها و تضحياتها في العراق و في سوريا ، لا يمكن ان ننكر دورها ، والذي اقتصر حصراً في محاربة الإرهاب والدفاع عن البلد .

         أولمْ تتعامل امريكا اليوم مع حركة طالبان بأعتبارها حركة سياسية  مُسلّحة  ، وفي الامس كانت ارهابية ؟

         تعاملت امريكا و تتعامل اليوم مع قوات سوريا الديمقراطية ( قسد) وهي فصائل مسلحّة في سوريا ،

و تعاملت وتتعامل اليوم ، وكذلك تركيا ، مع جبهة النصرّة و غيرها من الجماعات المسلحّة .

       تعاملت وتتعامل دول خليجية مع فصائل مسلحّة استهدفت النظام والدولة في العراق و في سوريا وفي لبنان واليمن .

        القصد من ما  تَقّدمْ  اعلاه ، أنْ نتعامل مع الفصائل المسلحة بما تمليه مصلحة الدولة ، وليس بما تراه وتمليه امريكا او دولة أخرى . امريكا تتعامل مع العراق و مع دول المنطقة و مع احداث المنطقة بما تمليه عليها مصلحة اسرائيل .

     الفصائل المسلحة في العراق والتي تعلن دعمها للدولة والدفاع عنها ترى في دورها حركة تحرر و مقاومة في العراق ، ولاسيما بعد قرار مجلس النواب في بداية شهر كانون الثاني لهذا العام ، والقاضي برحيل القوات والقواعد الامريكية ، وتعّلمنا تجارب الدول بما آلت اليه مصائر حركات التحرر في الدول التي كانت تحت الاحتلال ،حيث أصبحت حركات سياسية وساهمت في بناء وقوة الدولة .

     علينا ان نتعامل مع الفصائل و ننظر لها بمنظار عراقي وليس بمنظار أمريكي مُحاربٍ لها ، لخشّية امريكا من ان يتكرر نموذج حزب الله اللبناني في العراق ،من زاوية مصلحة اسرائيل ، و واهم من يعتقد بغياب المصلحة الاسرائيلية في العراق و بغياب دور وتخطيط اسرائيلي تجاه العراق .

    علينا كذلك أنْ نتعامل مع الفصائل ،و ننظر لها بمنظار عراقي ، وليس بمنظار إيراني داعم لها ، لخشية ايران على أمنها القومي حين يكون العراق بؤرة للإرهاب ،و مُخترق ارهابياً و اسرائيلياً .

     علينا إذاً ان نعزّز عراقية هذه الفصائل ونُلبسها رداء الدولة لنحتويها في رجالها و سلاحها ، ونتعامل  معها مثلما تعاملت الجزائر مع الحركات والفصائل التي ساهمت في تحريرها ، ومثلما تعامل العراق ، في الامس ، مع فصائل الحشد الشعبي ،التي ساهمت في تحرير العراق ، و خرّجت حركات سياسية فاعلة في مجلس النواب العراقي ، وتعمل على بناء الدولة .

*رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات و تعزيز القدرات

ــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك