المقالات

مسرح الدمى.. ومخرجه الأمريكي..  


محمد جواد الميالي

 

ينشغل العالم الآن بجائحة كورونا، التي بدأت تفتك بالبشر، وأوقفت عجلة الإقتصاد لتفضح نظام الرأسمالية الفاشل، بينما بينة للعالم أن إنسانية الغرب مجرد حبر على ورق، فكوفيد 19 إستطاع لوحده أن يوقف عجلة الحياة، ويسقط الأقنعة عن الشعوب والحكومات..

كذلك أحتجاجات العراق لم تسلم من سيناريو الوباء، فبعد أن خرجت عن السلمية، وأصبحت الساحات حلبة صراع لشخصيات سياسية، وكل من يفرض رأيه في المشهد السياسي، يتجه لحرق الإطارات وقطع الطرق، حتى تطورت الأمور إلى نزاعات مسلحة أقتحمت على إثرها الساحات، فجاءت كلمة الفصل على لسان كورونا، وأوقفت كل شيء..

تزامن إنهاء التظاهرات مع إختيار المكلف الجدلي.. الزرفي تم تكليفه من قبل الرئيس العراقي دون الرجوع إلى قادة الكتل الشيعية عدا البعض، وهو ما أغضبهم، لأنه خرج عن سياقاتهم المعتادة، فالكل يعلم أن الرئاسات الثلاث في بلدنا، هي حق للمكون الشيعي، السني والكردي.. أما المواطن له أن يشاهد ما يحدث فقط.

أول سويعات التكليف كانت صادمة، فأعداء الأمس الذين أتهمُ المكلف بأنه يدير العنف في الساحات، ويمول المجموعات الراديكالية المنحرفة، اليوم يبتسمون له في قصر السلام! فما الذي يحدث؟

البيت السياسي الشيعي أقرب إلى إيران من أمريكا، لذلك عمد الأخير إلى تفكيك البيت الشيعي، وكسر عصاه في الشارع العراقي، فأصبح الأعلام هو الخيط الذي يحرك اللعبة، ويثير جمهور الجنوب ضد الحاكم المعمم.. كما يصفون، ليرسم صورة برغماتيه.. أن الحكم يدار من قبل الشيعة فقط.

أنطلت الحيلة.. وبلهجتنا الدارجة (الشيعة شالوا الليلة كلها) لتنطبع فكرة نمطية لدى المحتجيين، أن سبب خراب العراق، هم الكتل الشيعية فقط، لكن بهذه الفكرة لم تكتمل الأحجية، لأن جمهور الأحزاب لم يتأثر.. اللاعب الظل كان يجب أن يتدخل..

جمهور الأحزاب مؤمن أن حركة الأحتجاجات، هي لكسر عصى الحكم الجعفري، ولا يمكن أن يتأثروا إلا إذا أتضحت لهم عورة صاحبهم.. عندها رشح الرئيس برهم صالح، المكلف الأول ليكون اللاعب الظل، الذي يخترق جمهور الكتل ويفرقهم..

روج الأعلام على أن التكليف جاء بموافقة البيت الشيعي، وهو ما كان صدمة لجمهورهم، من كان عدوهم بالأمس أصبح اليوم مكلفاً من قبل أصحابهم!!

الخيوط في مسرح الدمى هي الأعلام، والمكلف هو الممثل الخفي، والمحتجين  كانوا منساقين باللاوعي الشعوري لصالح العم سام، مخرج هذه المسرحية أمريكي بأمتياز.. مع منتج إيراني يخالفه بالتوجه.

لم يبقى من الحكاية سوى المشهد الأخير.. الذي ظهر به المخرج يتحكم بالدمى، أما المنتج ما زال يحاول تغيير النهاية، وغالبية الجمهور منقسم إلى مشجع للبيت الأبيض و آخر لجوامع طهران.

المكلف الجديد إذا مرر ستكون رؤية المخرج الأمريكي هي الأقوى، وأن لم يمرر بالبرلمان، فإن الحجي قد فعلها وخلط الأوراق عليهم، لكنه سيجعل نهاية المسرحية ضبابية معقدة، لا تحلها حتى الأنتخابات المبكرة.. إن حدثت.

ــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك