المقالات

مسخ الهوية  


ظاهر العيد

 

الموضوع لا يتعلق بأحزاب فاسدة، ولا تغيير رئيس مجلس الوزراء، ولا تواجد ايراني في العراق أو حل الحشد الشعبي، ولا سنة وشيعة أو عرب وأكراد، ولا هو موضوع إلحاد أو إيمان أو حريات أو اباحية.

الموضوع يتعلق بمسخ هويتنا بالكامل، انكار أن هناك شخصاً اسمه محمداً، سواءاً كان نبياً أو غير نبي، وانكار وجود قرآن عربي، والقران الذين بين أيدينا معضمه سرياني وعبري، ومكة ليس لها وجود وما نتصوره مكة اليوم في السابق كانت البتراء في الأردن!

وكل هذا المشروع يُأطَر تحت يافطة العلم، وأنا والكل يعرفني ممن يعشق العلم، وأتابع تفاصيله ليل نهار، ولكن إذا كان علم يبحث عن الحقيقة ويسعى لإسعاد الانسانية، وليس تدمير أمة وطمس هويتها وستئصالها من جذورها، من أجل أن يسعد الغرب والصهاينة، وتشقى شعوبنا ويصور لها اننا تحت الصفر ولا فائدة من كل تراثنا غثه وسمينه، أدبه ومعارفه وشخوصه وانجازاته واسهاماته.

وأنا لا أريد الرد على هذه التخرّصات وإن ابتلع الطعم الكثير من أدعياء الثقافة والعلم ولكنها تبقى ترّهات، فجميعنا يعلم أن في القرآن كلمات أعجمية، وهذا لايخل بعروبته, ومكة تَقاتَل العلويون والأمويون والعباسيون والخوارج وغيرهم، وما سمعنا أحد منهم ادعى أن هذه ليست مكة، بل كان الجميع يقدسها ويسعى للسيطرة عليها حتى تكسبه الشرعية الدينية.

والمشروع إبتدأه دان جيبسون - مستشرق أمريكي، مختص بدراسة تاريخ العرب والمسلمين، يقول في نظريته: إن مكة ليست قبلة للمسلمين وإن مكان مكة هو البتراء الواقعة جنوب الاردن وليست في السعودية.

وليقل جيبسون ما يشاء، ولكن السؤال هو أين المعالم الأثرية لمسيرة الرسالة الإسلامية؟ أين منزل الرسول ودور أصحابه أين دار الأرقم وحتى أعدائه كأبي جهل ودار الندوة؟ أين قبورهم أين قبر أمنا خديجة أين قبر أبي طالب؟ إن من ساعد على اندثار هذه المعالم، هو من اعطى هؤلاء المشككين ثغرات ليبنوا عليها اهدافهم المشينة؟

والمشروع في حقيقته منذ عام 1803م، بدأ بحملات مكثفة في السعودية يقودها علماء الدين تضمنت هدم الإرث التاريخي لرسول الله (ص) لحقبتي البعثة والهجرة، بحجة منع البدع، ولا أريد أن أقول بتآمرهم، ولكن الجهل بمعنى البدعة سوغ تلك الحملات، والتي ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا، يجري اجتثاثها من الجذور ويبنى بدلاً منها أبراج شاهقة تكاد تخنق الكعبة، وكأنه لا يوجد مكان في الأرض لبناء هذه الأبراج إلا على أنقاض تاريخ العرب والمسلمين.

 والغريب في الأمر أنه في الوقت الذي يحرمون فيه بقاء الآثار الإسلامية في مكة والمدينة بدعوى سد ذرائع البدع، نجدهم لا يجدون حرجاً من بناء متاحف تحوي ممتلكات العائلة المالكة في السعودية، مثل حذاء الملك عبد العزيز وعصاه وعباءته وسريره، والحفاظ على بيت البيعة بحالة ممتازة، المكان الذي شهد بيعة أهالي الأحساء للملك عبد العزيز، هذا البيت أحد أبرز المتاحف المصانة في المملكة، في حين تم هدم مسجد بيعة الرضوان، وإخفاء ملفات وخرائط المسجد التي تثبت تاريخية من أرشيف وكالة الأوقاف السعودية.

هذا المشروع يراد له أن يمتد للعراق بطريقة أو بأخرى، واصحابه ذاتهم  مصدر التمويل لشاشات القنوات المشبوهة، وحلقات على "اليوتيوب" ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي تعمل جاهدة ليل نهارعلى تزيف الحقائق، هم تمامًا عصابات بلا أي مبدأ، تريد لمشروعها الخاص النجاح  بقوة الرصاص والأرهاب، وتنسب لنفسها العلمية والحداثوية والتقدمية وشتى النعوت التي تحط من تراثنا العريق.

                               

ــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك