المقالات

اميركا في العراق.. تحولات ومعطيات


🖋سعود الساعدي

 

استقبال عادل عبد المهدي للسفير الأميركي في بغداد لماثيو تولر في ٥/٤/٢٠١٠ وتسليم الأخير رسالة من الإدارة الأميركية طلب فيها «فتح حوار استراتيجيّ بين الحكومتين، اقتصاديّاً وثقافيّاً وتجاريّاً وأمنيّاً، بما يحقق مصالحهما المتبادلة، في ظل القرارات والمستجدات في العراق والمنطقة» بعد أن كانت واشنطن قد رفضت طلبا للحكومة العراقية بتنفيذ قرار البرلمان العراقي في ٥/١/٢٠٢٠ بحجة أن حكومة عبد المهدي مستقيلة وأنها ستبحث ذلك مع الحكومة العراقية المنتخبة جاء هذا الرفض على لسان بومبيو .

ونقل عن مصادر مقربة من رئاسة الوزراء العراقية أن المباحثات المرتقبة ستتناول مستقبل العلاقة بين الطرفين بعد قرار البرلمان العراقي الذي طالب بإخراج القوات الأميركية من البلاد والضربات التي تعرضت لها قواعد أميركية والهجمات المقابلة على مقرات الفصائل العراقية.

لهذا التحول في المواقف الأميركية أبعاد ودلالات أميركية و كذلك عراقية، هي:

هذا التحول اميركيا يعني:

١- ان أميركا تعيش مرحلة تراجع وأفول استراتيجي يستدعي صياغة خطاب سياسي خارجي متناسب واعادة تموضع عسكري مختلف في العراق .

٢- أميركا متخوفة فعلا من ضربات فصائل المقاومة العراقية و تعتبرها تهديدا مباشرا وجدي لوجودها العسكري.

٣- كما اكدنا سابقا كل التهديدات الأميركية وحديث الانقلابات والمناورات "الهوليودية" في الإمارات أو غيرها ترسل لاعدائها في المنطقة رسالة واحدة فقط مفادها:

"حافظوا على قواعد الاشتباك ولا تتجاوزوها رجاء.

٤- أميركا تحاول ان تكسب الوقت وتهدئ من سخونة الملفات في الساحة العراقية وتلجأ إلى استخدام أوراق ناعمة مختلفة.

٥- كل الضغوطات الأمريكية والمناورات باتجاه فرض مرشح قريب منها لرئاسة الوزراء العراقية هو حاجة ملحة لها مع تراجع النفوذ وانحسار الفرص.

٦- أميركا تعيش في العراق حالة من تراجع الهيمنة السياسية بحكم المعادلات الواقعية التي تحكم المشهد العراقي وتتخوف من مخرجات سياسية معادية لجدال موقع رئيس الوزراء.

٧- أميركا تعيش حالة من التراجع والضعف العسكري في العراق دفعها إلى إعادة تموضع "دفاعي" بغطاء مناورات وتهديدات اعلامية حادة.

٨- أميركا أدركت أن العام الحالي هو عام إخراج قواتها من العراق وأن القرار بذلك قد أتُخذ فلابد لأمريكا اجراء محاولة الالتفاف عليه.

٩- أميركا قد انكشفت سياسيا وعسكريا واقتصاديا واجتماعيا امام وباء كورونا وأنها بحاجة إلى فترة "نقاهة" بعد انحسار الوباء لإعادة مراجعة وتقييم واقعها على كل المستويات الدولية.

١٠- العام الحالي هو عام الانتخابات الأميركية والعودة الافقية لجنودها من العراق ستمثل عاملا حاسما في مسار نتائج الانتخابات.

اما ما يعنيه هذا التحول عراقيا:

١- ان الانتصار على أميركا عام ٢٠١١ وعلى داعش عام ٢٠١٧ أثمر عن مكاسب ومنافع "مقاوماتية حشدية" وسياسية واجتماعية وكشف عن قدرات وإمكانات وطاقات كامنة قد لا تكون مرئية دائما لكنها فاعلة ومؤثرة تتفاعل مع المقومات والمرتكزات الأخرى وتنتج معادلات واقعية تفرض نفسها.

٢- القدرات المقاومة والحشدية باتت تمتلك نفوذا وحضورا مؤثرا وقدرة قتالية وتنظيمية عالية وقاعدة جماهيرية واسعة وخطابا فاعلا.

٣- الواقع السياسي العراقي بانعكاساته الاجتماعية والاقتصادية ورغم كل أزماته البنيوية والمركبة والمعقدة لا يمكن إسقاطه او التلاعب به بسهولة او اللعب به منفردا وهو يعني ايضا- كما كشفت التجارب-

كما أنه عصي على السقوط أو الإسقاط كان عصيا على التوقف .

٤- ان محاولة "الوقوف" وإعادة قراءة التجربة وإصلاحها -بعد إخراج الوجود الأجنبي وإنهاء آثاره- بات ضرورة ملحة توفرت مقوماتها الأساسية وبناها التحتية.

٥- ان بإمكان القوى السياسية مغادرة حالة "القصور" في الرؤية والانطلاق في العمل من الواقع الحقيقي وليس من الواقع الزائف الذي صنعته مخيلاتهم بتأثير الضغوط النفسية والناعمة الأميركية.

٦- العراق يعيش لحظة تاريخية فارقة بإمكانه أن يتخذ خلالها قرارات إستراتيجية سيكون لها آثار كبيرة وعميقة على واقعه بكل ميادينه ومجالاته.

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك