المقالات

الذات الانساني يحبس انفاسه


عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

 

اوز الخيال أحيانا في تجسيد الأنانية المفرطة مثلما تفعله بعض الدول المتكبرة والتي كسرت خشومهم فيروسة لا ترى بالعين المجردة لا يستطيعون ايقاف انتشارها وشلت ايديهم وعقولهم ويتصارعون بالمزايدة على ابسط الامورفي الجو لاقتناء ابسط حاجة وهي الاقنعة الواقية ولازالت هذه الدول في عنجهيتها في التطاول والتهديد والوعيد والتطبيل للحروب ،وقد قال الحكيم سبحانه وتعالى في كتابه:

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾ {الحج/73}

مثلما هناك من هو قادر على التحليق عاليا في السماء عبر عزة النفس والكرم وعلمهم عطائهم ان يكون عنوانهم للجود بلا مقابل في هذه الظروف العصيبة في تقديم العون للاخرين مثلما يفعل العاملون في المجالات الطبية من عطاء بالنفس وهي اغلى غاية الجود.

 كثيرة هي الاوبئة و ذات انعكاسات خطيرة على حياة العالم  وكم تشاهد اليوم من جثث يقرضها فيروس كورونا  الذي يشد أنفاس البشرفي هذه الايام وعم بجبروته مختلف الدول العالم وعجزت البشرية في استعراض كل قدراته وعقوله على مواجهة هذا الفيروس وهوليس له أصل يمكن إثباته و تعامل الأسرة الدولية معه بطريقة متخبطة حتى الآن،كما ان هناك أصواتا كثيرة بدأت تتعالى اليوم في بلدان الشمال والجنوب على حد سواء وتدعو لإطلاق منهجية جديدة في التعامل مع الأوبئة والكوارث الأخرى التي يُنتظر أن تطول قائمتها في المستقبل على الاعتبارات المصلحية الضيقة. فما للعيون ناظرة ولا تبصر، وما للقلوب قاسية ولا تفكر، وما للنفوس ناسية ولا تذكر، أأغراها إنظارها وإمهالها، أم بشرتها بالنجاة أعمالها، أم لم يتحقق عندها من الدنيا زوالها، قال تعالي "ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون".( 16 الحديد)

المواقف التي تمر في حياة الناس و حياتنا نحن كبشر هي مجموعة من الحوادث والوقائع التي من المعقول ان تعلمنا الحرص على تنمية الأخلاق الحسنة والمسالك الحميدة، وتعهّد النّفس بترسيخ هذه القيم الأخلاقية في واقعها حتى تصير أمراً معتاداً، وقد حثّ النبي -صلّى الله عليه واله وسلّم- على تدريب النّفس وتطويعها على محاسن الأخلاق؛ فقال: (إنما العلمُ بالتَّعلُّمِ، وإنّما الحِلمُ بالتَّحلُّمِ). وتعويد النفس على محبة الخلق والنّصح لكلّ انسان، وإفشاء السلام، ونشر الأمن بينهم، وطلاقة الوجه وبثّ البِشر في حياتهم، والإعراض عن جاهلهم وقبول أعذارهم، وترويض النّفس على ترك المراء والجدال مع من لا رجاء في انصياعه للحقّ، كما أنّ مجالسة الأخيار، والتّقرّب من الصالحين، ومطالعة أخبار وسِيَرهم من طرائق التّزكية الناجحة.

وعلى الرغم من ذلك قلة من الناس هم الذين يستطيعون الاستفادة من هذه الأحداث في تربية الذات وأخذ العبرة والعظة من الحوادث وتوظيفها في تربية وتوجيه الآخرين، والقرآن الكريم عند نزوله على النبي صلى الله عليه واله وسلم في أيامها الأولى كان يربي المسلمين بالأحداث والوقائع سواء كانت للأمم والشعوب والمجتمعات السابقة وحتى الأفراد أو كانت الأحداث التي يعيشونها أو تحدث قريباً منهم هنا أو هناك ويطالبهم الاستفادة  منها في تزكية نفوسهم وإصلاح أخطائهم وتوظيفها في بناء حياتهم وصناعة مستقبلهم.

وإذا أراد الإنسان أن يرقّي نفسه؛ فإنّه يرقيها بالإيمان واليقين، وبالسريرة الصادقة، وبالأعمال الصالحة فرائضها ونوافلها، وبالأخلاق الحميدة والمعاملات المشروعة. وقد جاءت الشريعة الإسلامية لتعطي الإنسان الخير كله في الدنيا والآخرة، فبيّن الله للعبد العلم الصحيح، وبيّن العمل المطلوب، وهيّأ وسائل ذلك، وبعث الرسل. فأعطى دينُنا كلَّ الاهتمام لِتطهير الإنسان من سيِّئاته وإصلاحه وترقيته، وقد سمّى الله تعالى حال الإنسان بهذا الاعتبار تزكيةً، فقال سبحانه: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (آل عمران/ 164). فكما جاء النبي (ص) ليتلوَ علينا ما أوحى الله إليه، ويعلمَنا ما في القرآن والسنة من علم وحكمة وأحكام؛ فقد جعل الله من وظيفته تزكية النفوس. وبيّن الله تعالى أن فلاح الإنسان ونجاته متوقفة على التزكية، فقال سبحانه: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى) (الأعلى/ 14)، (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) (الشمس/ 9-10)، (جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّ!

 ى) (طه/ 76). ومما ينبغي أن تحدثه التزكية في المسلم، أن تحول الاعتقاد من كونه اعتقاداً في الذهن، فحسب، إلى عمل يعيشه،والناس إذا رأوا جمال خلق الانسان الاخر وحسن معاملته وأدبه وطيب كلامه؛ ينجذبون إليه ويميلون إلى الذي تربى عليه، وأوصله إلى هذا الجمال والرُّقيّ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك