المقالات

الشخصية الجدلية وهم , ومصطلح غائم خادع , وقلة وعي مدرك


حسن المياح

 

مفهوم الجدلية من الناحية الفكرية الفلسفية يعني الصراع والتناقض المحتدم الذي يستبطن إختلاف الرؤى من دون التوصل الى نتيجة توافق . وإلا فلم يكن هو جدلآ ; وإنما هو تلاعب ماكر بمشاعر الناس من خلال الألفاظ والمصطلحات , من أجل تمرير مصالح ومنافع بغش وخداع , وتحقيق مآرب ذاتية تعود الى من يروج لهذا المصطلح الكاذب الغاش الخادع .

لو إستقرأنا مصاديق عامة من دون تخصيص لنتعرف عن دراية واعية , هل هناك وجود لشخصية ليست جدلية , لا يشوبها إشكال , أو لا يوجد هناك عليها من إعتراض ???

فخذ مثلآ الأنبياء والمرسلين عليهم السلام ~ وهو مثل ومصداق هام وواضح جدآ ~ الذين هم معصومون قولآ وفعلآ وتبليغآ وهداية وسلوكآ وأمانة ومسؤولية . هل أن جميع الناس ~ الذين هم أقوامهم والذين أرسلوا اليهم ~ إقتنعوا بهم وآمنوا بهم وبما جاءوا به من وحي من السماء , أو أن منهم ~ وهم الغالبية ~  من لم يؤمن بهم ولا بما جاءوا به من رسالة ... ??  فإن كانت شخصية النبي والرسول عليه السلام ليست جدلية , لآمن جميع الناس من دون أي إختلاف ومن دون إعتراض , وأنه شخص مقبول لا يختلف أو يتجادل على مقبوليته وصلاحه إثنان .

 فكيف بالجموع الكافرة والمشركة التي حاربت الأنبياء والمرسلين عليهم السلام , وقتلت منهم ما شاء الله أن يقتل ظلمآ وعدوانآ وتجرءآ عدائيآ مجرمآ خبيثآ , كما فعل اليهود بأنبياءهم عليهم السلام .... ?? , وخير مثال على ذلك النبي يحيى بن زكريا عليهما السلام , الذي قتل بسبب مومس بغي رفض زناها .

إذن فلم , ولماذا هذا الإختلاف وعدم التوافق علمآ ان , وما دامت الشخصية المرسلة هي شخصية مؤمنة صالحة مرشحة ومزكاة ومبعوثة من قبل خالق عليم حكيم , وهو الله سبحانه وتعالى ??? ... !!!

ولا نريد أن نطيل بذكر المصاديق الإجتماعية المتنوعة المتعددة ; وإنما نكتفي بهذا المصداق الواضح والمثل الصالح في نموذج الرسل والأنبياء , لنسرع الوصول الى النتيجة التي تدلل على إنعدام وجدان ووجود الشخصية اللاجدلية ( غير الجدلية ) في عالم الواقع .

حقيقة الأمر أن السبب أو العيب الذي ينفي وجود شخصية غير جدلية , لا يعود الى الشخصية ذاتها بما هي شخصية من حيث الخلق والوجود ; وإنما السبب يكمن في إختلاف آراء وأذواق وميول وإتجاهات وإنتماءات وهوى الناس , وذلك لأن الله تعالى قد خلق الناس مختلفين . لا بحقيقة أصل الخلق ; وإنما بسبب سلوك الإنسان المخلوق من حيث إختياره . وهذا هو سبب بعثة الأنبياء والمرسلين لهداية الناس وإرشادهم وإراءتهم طريق الحق وإستقامة الجادة .

والإنسان منذ أن خلقه الله سبحانه وتعالى هو يحمل التناقض والجدل في ذاته ووجوده , لأنه خلق من قبضة تراب ونفخة من روح . وطبيعة هذين العنصرين الشد والجدل , والتناقض والتنافر , لأن التراب يشد الإنسان من ناحية التكوين والميول الى الأرض ويرفض الإنقلاع والإرتفاع والعلو والسمو في الآفاق ليبقى ملتصقآ بأصل نشأته وأحد أسباب وجوده .

وأن الروح ~ العنصر الثاني في سبب ونشأت خلق الإنسان ~ تجذب الإنسان بعد أن يكتمل خلقه الى العلا والرفعة والسموق والسبح المتطاول في الأعالي , مفارقآ سفولة الطين وهبوطه وتخلصآ من لصوقه به , فهذا الشد والجذب هو الصراع بين قوى الخير والإستقامة والصلاح عند الإنسان وبين الشر والإنحراف والإنتكاس والهبوط والتردي في مستنقعات الإثم ووحل الموبقات والسيئات .

فالجدل مغروس في خلقة الإنسان منذ أن خلق , وهكذا الله سبحانه وتعالى أراد له أن يخلق ويكون لحكمة وتدبير وغاية .

فالجدل في خلق الإنسان نعمة ; ولم يكن منقصة أو نقمة , بل هو كمال أكيد في الخلق , وسمو ورفعة بقصد بعد تدبير الإنسان ذاته ومعالجة وتهذيب غرائزه .

فلا وجود حقيقي وموضوعي وواقعي لشخص غير جدلي في عالم الوجود والواقع خلقة وإحتسابآ عند الناس , ولذلك لا يتفق الجمهور من الناس على إنسان واحد , ويؤمنون بعدم جدليته , لأنهم هم ذواتهم وأنفسهم جدليون , ولا يتفق ولا ينتج الجدلي غير الجدلي ; وإنما هو يذوب سلوكآ ووعيآ وتفكيرآ وإيمانآ وإعتقادآ في جنس ذاته .

ومن أجل توضيح المعنى المقصود ب( الشخصية غير الجدلية ) في المصطلح كمقاربة تفسيرية , نقول إن الجدلية لا بد من وجودها في الإنسان المرشح ذاته , وفي ذوات الجمهور الذي ينتخب ; ولكن ( غير الجدلية , أو اللاجدلية ) يمكن أن تكون على أساس الرضا لكثرة من الناس , لا من قبل المجموع الكلي لأفراد الشعب العراقي , ولكن من باب التوافق الظاهري , وعلى أساس حسن سيرة ومقبولية الشخصية المرشحة .

والشيخ الجليل الكريم وكيل المرجعية الرشيدة حينما أشار في خطبة له عن ترشيح والإتفاق على شخصية غير جدلية , هو قول يجانب حقيقة الخلق , ولا يرشد الى حل ينتشل العراق من ورطة وكارثة الفساد , وظلم وإجرام المسؤولين الحاكمين الفاسدين . وأن مصطلح الشخصية (الشخص ) الغير جدلية مصطلح غير موفق , وغائم , ولا مصداق له في عالم الخلق والتكوين والوجود والواقع . وإنما هناك شخصية ( شخص ) وشخصيات عديدة تحضى بالمقبولية والرضا العام , لا على أساس أنها شخصية غير جدلية ; وإنما هناك مميزات صالحة وصفات محمودة تتمتع بها , ويمكن من خلالها , ترشيحها لتسنم منصب رئيس مجلس الوزراء ( أو أي منصب آخر في الدولة والحكومة ) , وعلها تحسن السيرة والسلوك في الإدارة والتعامل

ــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو ايمن الكرخي
2020-03-11
السلام عليكم خطبة الجمعة التي انتقدها الكاتب إنما هي من مكتب سماحة السيد السيستاني وليست من كلام وكيلها (لاحظ نصها على الرابط http://www.sistani.org/arabic/archive/26370/ ). ومن الواضح أن مقصود المرجعية المعظمة بحكومة غير جدلية هو ما يفهمه العرف ولا يحتاج الأمر لهذا التفلسف الذي يمثل نقدا واضحا للمرجع المكرم
د. ثائر البصيصي
2020-03-10
مع شديد الاسف حاول الكاتب دس السم بالعسل من خلال تهجمه على المرجعية وتسفيه توجيهاتها من خلال قوله (والشيخ الجليل الكريم وكيل المرجعية الرشيدة حينما أشار في خطبة له عن ترشيح والإتفاق على شخصية غير جدلية , هو قول يجانب حقيقة الخلق , ولا يرشد الى حل ينتشل العراق من ورطة وكارثة الفساد , وظلم وإجرام المسؤولين الحاكمين الفاسدين) وهو بذلك يحاول ان يثقف المجتمع على عدم الالتزام بتوجيهات المرجعية الحكيمة الرشيدة الواعية والتي اثبتت للعالم انه ليس لها مصلحة الا خدمة العراق واهله واثبتت السنوات السابقة ان الحلول التي تطرحها المرجعية هي الحلول الناجعة لانقاذ هذا البلد من الفاسدين الا ان وجود هذا الكاتب وامثاله الذين يعملون على تثقيف المجتمع على التمرد على توجيهات المرجعية وعدم الالتزام بها وتسفيه هذه التوجيهات وتحريف خطبة الجمعة من خلال تفسيراتهم الخاطئة بقصد لاهداف معلومة واضحة للجميع كالشمس فمع شديد الاسف لم يوفق الكاتب او ان هدفه كان مكشوفا
ابو علي
2020-03-10
السلام عليكم اعتقد ان لايكون جدليا تعني ان يكون مقبولا ولايكون موضع الجدل وعدم الرضا بحيث لايمكنه اداء مهامه ومثال ذلك معظم الرؤساء ورؤساء الوزراء في دول العالم فلو كانو جدليون لم يستطيعو ان يؤدو مهامهم. وواضح جدا ان الكتل من الاطياف المختلفة تريد رئيس وزراء بنوعية خاصة.
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك