المقالات

الخلاف والاختلاف


علي علي

 

   الخلاف والاختلاف.. مفردتان متقاربتان لفظا بعيدتان كل البعد معنى ومقصدا، فلطالما اختلفنا مع معيتنا في قضية او أكثر، لكننا متفقون ومتوافقون فيما بيننا، من دون تأثير اختلافاتنا على علاقات بعضنا مع بعض، وهذه ظاهرة حضارية إيجابية. إلا أن هناك اختلافات في الرؤى تنشب بين أفراد او جماعات او فئات، يستعصي الوصول فيها الى حل يرضي الأطراف جميعا، فتستحيل تلكم الاختلافات الى خلافات ومن ثم الى صراعات، وقد تتطور فتأخذ جانب التعنت بالموقف والتزمت بالرأي، فيصل الجميع حين ذاك الى مالاتحمد عقباه، ويتساوى إذاك محصول الأفراد والجماعات والفئات من شر ماجنوه على أنفسهم يوم لاينفع نقاش ولاعتاب. وقطعا تدخل الحلول حينها متاهات أشد ظلمة، ودهاليز أكثر حلكة، وسينشد الجميع حينها: (لو كنت أعرف خاتمتي ماكنت بدأت).

  منذ تشكيل الحكومات المنتخبة في عراقنا بعد عام 2003 والتي كان من المؤمل أن تكون فاتحة خير للعراقيين، تفانت الشخصيات الرئيسة في صنع القرار على مستوى السلطات الثلاث في البلاد، على خلق الخلافات بتطوير الاختلافات فيما بينها، مبتدئة بالتضارب في التصريحات، بشكل يبدو للوهلة الأولى أنه ملء فراغ إعلامي، او كما نقول (گضيان وكت) يقوم به الساسة من رؤساء الكتل والأحزاب وأعضائها، للتأثير على الرأي العام، ونلمس هذا جليا من خلال التصريحات التي يدلي بها مسؤول هنا او نائب هناك. ونستشف من تلك التصريحات ميول هؤلاء وأهواءهم، فيما إذا كانت سليمة تهدف الى خدمة البلاد والعباد، أم سقيمة! تستهدف المنفعة الخاصة والمصالح الأنانية، لاسيما ونحن نلمس روح الـ (أنا) تأخذ موقع الصدارة عند كثير ممن يعتلون سدة الحكم، او الذين يتأملون اعتلاءها.

   ومن هذه الـ (أنا) ما هو واضح في تصريحات بعض الذين يدعون الحرص على العملية السياسية ومستقبل البلد، فنرى عمليات صنع الأزمات على قدم وساق، في وقت تحيق بالعراق أرضا وشعبا مكائد خطيرة، تلقي -إن لم تُقبر في مهدها- بظلال وخيمة على العراق والعراقيين، وقطعا لن يقف خطر هذه المخططات عند حد معين، فالغايات أبعد والمخططات مستمرة برعاية خارجية، علاوة على الداخلية.

  ورغم كل التداعيات والخسارات التي انهالت على البلاد منذ ستة عشر عاما، مافتئ الساسة يتمشدقون بأعلى أصواتهم، عازمين على مفاقمة الاختلافات لتأخذ صبغة الخلافات، وهم بهذا يسعون الى فسح المجال على أوسع الأبواب، لإكمال عملية التهام خيرات البلاد. ومن ناحية أخرى فإن أسلوبهم هذا يفضي الى تكبيل مؤسسات الدولة التنفيذية، وحصرها في زاوية العجز على مواكبة التطورات الحاصلة فيما حولها، وأهمها الانحدار الشديد في اقتصاد البلاد، وهذا مانلاحظه جليا في اجتماعات الكتل تحت قبة البرلمان، إذ تدور نقاشاتهم -التي تغدو فيما بعد خلافات- حول مصالحهم اولا ومصالحهم ثانيا ومصالحهم ثالثا، غير آبهين بالمخاطر الناجمة عن تدهور الحالة الاقتصادية في العالم عموما وفي العراق على وجه الخصوص.

    إن الخلافات التي تنشب في متاهات مجالسنا الثلاث وأروقتها مصطنعة ومقصودة، فلو كانت النيات خالصة في حل الاختلافات بين أرباب الحكم والحل والعقد، لما آل بها المآل الى خلافات تعود بالويلات على رأس البلاد والعباد.

ـــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك