المقالات

الى أين تتجه البوصلة ؟!


محمد حسن الساعدي

 

 

على الرغم من المساعي الحثيثة التي قام ويقوم بها رئيس الوزراء المكلف في لملمة حكومته، الا انها لاقت الكثير من العثرات في طريق تشكيلها ، خصوصاً وان السيد علاوي لم يكن مطلعاً تماماً الى الخارطة الحقيقية للكتل السياسية في العراق ، ما جعله يتفاجأ بحجم هذه العراقيل ، ومع كل التحذيرات التي قدمها رئيس الوزراء المنتهية ولايته السيد عبد المهدي في حجم العراقيل التي ستعترض تشكيل حكومته الا ان علاوي كان واثقاً من تشكيل الكابينة والسير بها نحو قبة البرلمان ، وعلى الرغم من الحركة السريعة والحثيثة التي قام بها لأقناع الكتل بالمشاركة في الحكومة ، والتصوير للرأي العام انها ستكون مستقلة الا ان الحقيقة على الارض غير هذا كله .

أول العراقيل كانت عند الكرد ، فهم كعادتهم يتحينون الفرص في الوقوف بأي موقف او رأي يتعارض مع مصالحهم ، وهم يعلنون ذلك وليس بالأمر المفاجئ ، فأعلنوا عدم القبول بهذه الحكومة ، وذلك بسبب عدم وجود لون لهم فيها ، وتصريح بارزاني الاخير يعطي الانطباع الحقيقي للموقف ، خصوصاً أن هناك معركة داخلية بين الحزبين المخضرمين (الجمهوري –الديمقراطي) في كردستان ، ومحاولة الجمهوري أخذ الفرصة والمبادرة على حساب الديمقراطي وتجلى ذلك من خلال رئيس الجمهورية السيد برهم صالح ، والاتفاق غير المعلن مع مقتدى الصدر في تمرير هذه الحكومة باي ثمناً كان ، ما انعكس بالفعل على الموقف عموماً في رفض حكومة علاوي ، والوقوف بوجه محاولات تشكيلها كأمر واقع .

الموقف السني ليس بالأفضل من الكرد ، فالسنة العرب  عموماً رافضين حكومة علاوي ، وعلى الاقل قبل فترة كانوا النصف رافضين لها ، ولكن الان يبدو ان الرفض جاء عموماً ، خصوصاً مع تصريح الخنجر ، والذي جاء متضامناً مع موقف الكرد في ضرورة ان يكون هناك لون في هذه الحكومة ، الى جانب دخول لاعب مؤثر على الساحة السنية الا وهو الحلبوسي الذي يبدو انه مجهز بالعدة والعدد من اجل أخذ زمام المبادرة ليكون قائداً للوضع السني عموماً في البلاد ، وإذا ما علمنا ان هناك نوايا خارجية تحاول ان يكون السنة حاضرين في صنع أي قرار يخص رئاسة الوزراء ، والدخول في منتصف قرار الاغلبية والمتمثلة بالمكون الشيعي والذي يعتبر الكتلة الاكبر من حيث العدد في البرلمان .

الوضع الشيعي يبدو بائساً جداً، خصوصاً بعد الانتخابات البرلمانية والمشبوهة التي جاءت مؤخراً ، ليلعب اللاعب الرئيسي على الجميع ، ويأخذ زمام المبادرة وبالقوة ، ليسير نحو السيطرة على المشهد برمته ، وهذا ما تجلى من خلال دفع علاوي سراً نحو رئاسة الوزراء ، ولكن في العلن الوقوف مع المتظاهرين والدفاع عنهم وعن مطالبهم ، وهذا ما كشفه الجمهور ولكن متاخراً في كون هذا اللاعب بات مسيطراً على القرار والموقف ، ويبقى الشيعة يقفون موقف المتفرج ، في أتخاذ أي قرار بهذا الجانب ، الى جانب التشرذم الواضح في داخل هذه الكتل السياسية ، والذي انعكس بالسلب على الواقع السياسي ، ما جعل هذا الواقع مفتوح على التأثيرات الخارجية ،سواءً من الوضع الاقليمي او الدولي ، وجعل الارضية منبسطة لأي تغيير محتمل .

يبقى شي اخير ...

الواقع السياسي العراقي لايتحمل أي تغييرات ، لان الارضية هشة جداً ، والوضع الشيعي غير متماسك ، والارهاب بدأ يتحين الفرص ويهدد ، ويرصد التحركان لنقض بسرعة ، وبدأت حرباً اخرى هي "حرب الفايروسات" ما جعل الموقف صعباً ، وينبغي اتخاذ الموقف الصحيح والحاسم ، وعلى الرغم من كل المحاولات في تحريك عجلة الاصلاح الا ان شعار الاصلاح بات جسراً للفاسدين ، والذين يرفعونه عالياً ويسرقون تحت رايته ، كما ليس من المتوقع ان يكون هناك أي تغيير سواءً الآن او في حكومة محمد توفيق علاوي ، لذلك يبقى على الجميع تحمل مسؤولياتهم في البحث فعلاً عن شخصية مستقلة تكون ممراً سهلاً لأي توافق إقليمي ودولي قادم في العراق ، لان البوصلة بدأت بالانحراف نحو إعادة مسلسل 2003 ، وهذا ما لا يدركه الجميع

ـــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك