المقالات

كابينة محمد توفيق علاوي بين سندان المحاصصة و«كره نار» مشتعلة في انتظارها


محمد كاظم خضير/ كاتب ومحلل سياسي

 

لا احد في الطبقة السياسية وخارجها ينكر ان البلاد بحاجة استثنائىة وضرورية لقيام حكومة جديدة بمعايير مختلفة عن السابقة وتتبنى خطة انقاذية يدوية لاخراج البلاد من الانهيار الشامل الذي وصلت اليه ورغم ذلك ما زال المتحكمون بقرارات الدولة «يتناتشون» الحصص وتقاسم المغانم منذ ثلاثة أشهر وحتى اليوم حتى انهم «اصموا» اذانهم عن صرخات المواطن ومعاناة العراقيين و تظاهراتهم في الشارع وكأنهم مسؤولون عن وطن ودولة في العالم الاخر حيث انهار من العسل.

وقد راهن المواطن على ولادة الحكومة قبل ايام... وقبل رأس الشهر القادم مع كل شوائبها ونواقصها لكن القيمين على إكمال الكابينة الحكومة تراجعوا عن كل وعودهم بالابتعاد عن منطق المحاصصة لكن بمجرد عودة النقاش في الايام الماضية لاخراج ملف التأليف من الجمود، خرجت «ارانب» التعطيل من جديد - فكل طرف سياسي - وفق قيادي حزبي متابع لمسار الاتصالات اخرج الى العلن ما في جيبه من شروط جاهزة لوضعها على الطاولة في اللحظة المناسبة بالتوازي مع محاولة البعض وتحديداً عائلة الكرابلة حصر التمثيل السني بمن يعطيهم من بوابة الوزارات الحصص فيما عبرت باقي الاطراف ايضا عن اعادة انتاج منطق الحصول على اكبر قدر ممكن من الحصص والحقائب المهمة.

واذا كانت اسماء التشكيلة التي تتطاير بين مراكز القرار والحل جميعهم من الاختصاصيين ومن خارج كل الذين تعاقبوا على السلطة الا ان الاصرار على منطق المحاصصة والثلث الضامن وما الى ذلك سياسات حولت الدولة الى مزارع ومحميات مذهبية وبالتالي فمتى في حال نجحت الاتصالات في حلحلة ما يطالب به معظم الاطراف من حصص في عدد الوزراء وطبيعة الحقائب هو اعادة بشكل وبآخر للسياسات السابقة نفسها بغض النظر عن كفاءة الوزراء ونظافة كفهم وفي احسن الاحوال ادخال تحسينات بسيطة على الواقع المأزوم من خلال بعض الاجراءات والخطوات العشوائىة التي لا تشكل جزءا من خطة انقاذية شاملة مدعومة من جميع الاطراف وهو ما يؤكد ان لا جدية في الانقاذ ولا وجود لمقاربات مختلفة لاهل السلطة تتعاطى مع الواقع المأزوم بالخطورة التي وصلت اليه اوضاع البلاد وما يؤكد على ذلك جملة واسعة من الوقائع والممارسات للقوى السياسية المختلفة ابرزها الآتي:

1- عندما تتصادم المصالح بين اطراف الطبقة السياسية يحمل كل فريق الاخر مسؤولية الازمة وكل الموبقات التي تعرض لها العراق والعراقيين فكل فريق ينعت خصمه السياسي بكل الموبقات والاتهامات بالهدر والسمسرة ولكن عندما تكون المصالح والمحاصصات تسير على قاعدة تقاسم الجبنة يعود «الغرام» و«الغزل» لاستعجال الحصول على المكاسب والمغانم في مقابل الانقضاض على المواطن وحقوقه والتجارب على ذلك بالعشرات. .

2- التعطيل المستمر منذ ثلاثة أشهر لتشكيل الحكومة، مع غياب المسؤولية الوطنية بوضع المصالح الخاصة جانبا والانكباب لانقاذ البلاد من الانهيار حتى حصل تكليف الرئىس المكلف محمد توفيق علاوي حيث استشعر العراقيين او جزء كبير منهم بأن هناك بارقة بتشكيل حكومة تعمل للخروج من الهاوية، لكن ما كشفته مواقف القوى السياسية المعنية عن عودة «التناتش» عن الصراع والحصص، فاقم من فقدان الثقة بوجود نية ورغبة لدى الطبقة السياسية بتغيير سياساتهم السابقة التي أوصلت للانهيار، بل كما يقول المثل خرجوا من باب المحاصصة يريدون العودة اليها من باب الوزراء الاختصاصيين، ما يؤكد ان كل الذين تحكموا بالدولة وسياساتها منذ 18 عاماً وحتى اليوم، لا ينظرون الى الدولة، الا كونها «بقرة حلوب»، و العراقيين مجرد رعايا ويقتاتون بفتات هذه الطبقة، بكل محميات الفساد والهدر ومافيات المال والسمسرات والنهب.

3- اذا ما تشكلت الحكومة بالطريقة نفسها القائمة حتى اليوم، ورغم وجود اختصاصيين من الكفاءات، لكن عمل الحكومة مجتمعة وأداء كل وزير، لن يخرج عن السياسات نفسها التي يمليها عليهم من سماهم او خاض صراعاً من هنا وفيتو من هناك لتثبيته في التشكيلة الحكومية، وبالتالي، فلن يتمكن اي وزير مهما كانت جديته بالاصلاح ورغبته في وجود حكومة متجانسة تعمل لتنفيذ خطة انقاذ شاملة، بل الاخطر ان المحاصصة ستعيد الى الحكومة الانقسامات والمحاصصات نفسها التي كانت تحصل في الحكومات السابقة، تضاف الى ذلك جهوزية الاطراف المعترضة على الحكومة لتعطيل اي توجه بالاصلاح.

4- ان تثبيت منطق المحاصصة في تشكيل الحكومة ومنع اعتراض التظاهرات الشعبية حول مسار التكليف والتأليف، ما يؤشر الى ان التظاهرات الشعبي لن يعطي الثقة للحكومة، وسيستمر في مطالبته بحكومة اختصاصيين واقرار الانتخابات المبكرة، الا اذا حصلت معجزة وتمكنت الحكومة من تمرير اجراءات قاسية وشاملة تتناول السياسات والاصلاحية ومحاسبة الفاسدين.

5- ما زال الموقف الدولي والاميركي ضبابياً من طبيعة الحكومة المحتملة، ويقول المصدر الحزبي ان عدم استبعاد التعاطي الأمريكي بايجابية معقولة مع الحكومة بانتظار توجهاتها المقبلة حيث تلقى اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيوحيث قدّم بومبيو التهنئة بمناسبة التكليف بمنصب رئاسة الوزراء، كما جرى خلال المكالمة استعراض آخر المستجدات السياسية على الصعيدين الاقليمي والدولي ، والتأكيد على ضرورة التنسيق والعمل المشترك، ودعم الولايات المتحدة الامريكية للعراق في مختلف المجالات بما يحفظ سيادة العراق وتحقيق الازدهار الاقتصادي وتفعيل أطر التعاون بين البلدين.

الا ان مصدراً سياسياً محسوباً على احد الاطراف المعنية بعملية التأليف إن على كل المعترضين على تشكيل الحكومة من سياسيين ومجتمع مدني عدم الحكم مسبقاً على بعض الاعتراضات غير الجوهرية التي ادت الى تأخير التشكيل، ولا على دور القوى السياسية بتفضيل هذا الاسم على اسم آخر، فهذا التفضيل مرده الى ثقة المعنيين بكفاءة من يعطونهم ثقتهم لدخول الحكومة، دون التقليل من كفاءة الآخرين، مع ان مشاركة اي حزب سياسي او كتلة نيابية في الحكومة تشبه «كوة النار» في ظل ما بلغته البلاد من انهيار، وما ينتظر الحكومة الجديدة، وكل وزير فيها من مسؤوليات استثنائية، تستوجب توجهات وجهوداً مختلفة عن كل ما كانت تقوم به الحكومات السابقة او كل وزير في وزارته.

ولذلك، يرى المصدر السياسي، انه من الظلم الحكم مسبقاً على الحكومة ووزرائها، خصوصا انها ستكون من الاختصاصيين، والاهم ان الحكم عليها يكون من خلال امرين:

- الاول، خطة الانقاذ التي ستعمل على أساسها، ومدى تجاوبها مع مطالب التظاهرات الشعبية واكثر العراقيين ، وما يعانونه من اذلال وعدم القدرة على تأمين مقومات حياتهم، وقدرتها على الانطلاق في معالجة جدية للازمات التي تضرب كل مفاصل ومؤسسات البلاد .

- الثاني، اداء رئيس الحكومة ووزراء حكومته في تنفيذ ما ينتظرهم من «قوة نار» مشتعلة، وفي المقدمة الابتعاد عن تطبيق اجندات حزبية او التعاطي بكيدية، مع ما هو مطلوب من اجراءات وخطوات تحاكي مطالب الناس، وضرورات الانقاذ.

في كل الاحوال يوضح المصدر السياسي ان لا مصلحة لكل الاطراف المعنية بعملية التأليف في إضاعة المزيد من الوقت في عملية «كباش» بين بعض اطرافها حول هذا اللاسم او تلك الحقيبة، وبالتالي يرجح المصدر ان تنجح الاتصالات في تذليل الاعتراضات المستجدة خلال ايام قليلة.

ـــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك