المقالات

النية النية يا ساستنا


علي علي

 

    حسن النية خصلة يشترك فيها الأسوياء من بني آدم، لاسيما الذي يشرع منهم في عمل ما سواء أيدويا كان أم فكريا! ولاغنى عن اتخاذها نقطة مثابة للانطلاق من أساساتها الى نجاحات وتفوقات، تأتي أكلها كمحصلة نهائية في ذاك العمل فرديا كان أم جماعيا. أما الفردي فعاقبة سوء النية في بداية الشروع به تعود بالدرجة الأساس على الفاعل والقائم بالعمل، إذ هو يحصد مازرعه ويجني مابذره، وقديما قال الحطيئة:

من يزرع الخير يحصد ما يُسرُّ به

               و زارع الشرِّ منكوس على الرّاس

أما العمل الجماعي فحسن النية فيه يأخذ منحى ثانيا، لاسيما من قبل الأشخاص الذين يترأسون مجموعة او مجاميع عدة، فعاقبة تخطيطاتهم في حال سوء النيات يتحمل وزرها الباقون دونما ذنب اقترفوه، سوى أنهم مرؤوسون من قبل أشخاص سيدتهم الصدفة في غفلة من الزمن، بمناصب سيادية على تلكم المجاميع، ولم يكونوا في وقت مضى يحلمون بالوصول اليها يوما. وما أظن كلامي هذا مشفرا، او أتخفى فيه وراء المثل القائل: (إياك أعني واسمعي ياجارة) فالقصد منه الساسة والمسؤولون في سدة الحكم ممن توضحت نياتهم السيئة، وطفح ماكانوا يبطنونه من شر تجاه العراق والعراقيين، من حيث صاروا يشتغلون على جميع الاتجاهات بما يعود بالنفع الفردي عليهم وفق مبدأ (كلمن يحود النار لگرصته) وقطعا رفعوا بعده شعار (وليكن الطوفان من بعدي). وحين أدركوا حقيقة ان العراق لايقبل القسمة إلا على العراق وحده، ارتأوا ان يقسموه بمساعدة أسيادهم في الخارج، فوضعوا نصب أعينهم العملية السياسية والدستور والحكومة ورئيسها، واتخذوا منها هدفا يتوسلون كل الأسباب للنيل منه لتحقيق مآربهم. وهم بهذا أثبتوا سوء النية ورخص الضمير وانعدام الشرف. وعلى هذا، فحسن النية لايأتي من عبث التصورات وطيش الأهواء وتشتت الأهداف، وليس له مكيالان لفرز الأعمال وتوزيع النيات بحَسَنها وسيئها عليها، فجميع الأعمال تخضع لمكيال واحد أساسه النفس الإنسانية وما اكتسبت من طبائع وأخلاق ترعرعت عليها، فان كانت سوية وسليمة وُلِدت النيات صادقة وهادفة كيفما كان نوع العمل، ومهما تشعبت وتوسعت رقعة المستفيدين منه والمنتفعين بنتاجاته.

   في ظرفنا الراهن.. بات العراق بحاضره ومستقبله يتأرجح بين أيادٍ، تعددت فيها النيات بتعدد الشخوص والدول التي وضعت نفسها موضع شرطي المنطقة، ولا يغمض لحكامها جفن إلا وفي العراق فتيل يشعل النار بشكل او بآخر، وبدافع من سوء نياتهم يتم اختيار مناطق ومدن في العراق فيها نفر من عراقيي الهوية يعبدون المناصب والدولار لاغير، وهناك تكون المساومات لاسيما بحضور مايسمون أنفسهم شيوخا او رجال دين وهم بعيدون كل البعد عن كل القيم والأديان والمبادئ، فيبيعون مايبيعون من الشرف والغيرة حتى أوصلوا حال البلاد إلى ماوصلت اليه، وقطعا لم تأت أفعالهم هذه وليدة لحظة او ساعة او حتى سنة، بل كانت النيات مبيتة قبل، بل هي متوارثة من أزمان موغلة في التاريخ، تدفعها أحقاد وضغائن دفينة.. فالنية النية ياساسة العراق!

ــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك