المقالات

لا تكن أحمقا وقحا!


إشراق علي

 

لكل مجتمع خصوصياته وثقافته وأعرافه وتقاليده وهُويَّته التي يعتز بها ولا يشعر بالحرج من الانتماء لها والذب عنها ضد كل مَن يريد أن يحطَّ من قدرها -وهي العزيزة في نفسه- أو أن ينال منها بأسلوب رخيص وخسيس ينمُّ إما عن جهل أو عن حماقة أو عن خُبث ومكر كما حاول ويحاول إلى الآن الغرب باستشراقه أي بفرض رؤيته ونموذجه على الشرق!

طبيعة المجتمع العراقي "متدينة" وعقائدية بحكم الرمزية التاريخية الدينية لأرض العراق. وأيضا، طبيعته "إنفعالية" غاضبة حين تُمسُّ رموزه الدينية أو أن يُساء الى عقيدته التي يعتز بها. وكذلك، أن المجتمع العراقي ينحو منحى الوسطية والاعتدال -قدر استطاعته- في أغلب الظروف ويجاهد أن يبقي على اعتداله في الظروف العرضية الضاغطة. وإنَّ شخصية المجتمع العراقي تؤثر فيها جدا المشاعر التي تستثير فيه روح الإخاء والوطنية فتسطر أنبل ملحمة إنسانية ولا تبالي- كما شاهدناها في المعارك ضد داعش الإرهابية.

ولكن، السؤال: هل يمنع ذلك وغيره من طباع المجتمع أن تمنعه من أن يكون إنسانا متنورا يسعى الى تطوير مفاهيمه ويوسع مداركه ويسير بخطا حثيثة على طريق إصلاح ذاته؟

اللهم، لا!

كونه بشريا فذلك كافٍ أن يستطيع "بشر" الطبقات التي تحجب ذاته ليُخرج أفضل ما فيه من إمكانات ومواهب وأخلاقيات ومبادئ... أي، كونه بشريا فهو قادر على صقل ذاته حتى يصل الى درجة من الصفاء يستطيع معها أن يكون مجتمعا ناجحا وإصلاحيا متعلما ومعلما وبانٍ لبلده وواضعا أسسا لمستقبل أفضل. وهنا، لا أتكلم عن فرد أو مجموعة أفراد بل أتكلم عن جميع شرائح المجتمع؛ فأساس هذه النهضة هو أن يشارك الجميع بما يعرف ويعلم في صب الجهد في طريق تحقيق هذا الهدف السامي.

المهم، التنوير لا يعني أن نلغي الآخر ونسيء الى رموزه ودينه وهويته، ولا العلمانية تعني ذلك، ولا كونك ليبراليا فمعناه أن تصادر حق الآخر في أن يختلف عنك أو معك...الخ والحرية لا تعني أن تتجاوز في سلوكياتك حد أن تخرج على خصوصيات المجتمع وتلغي هويته وأعرافه وتقاليده وتنتقد رموزه بطريقة مستفزة وحمقاء... الخ لا، التنوير أن تقدر كل ما يؤمن به مجتمعك وتحاول أن تتواضع وتشعر قلبك الرحمة لمجتمعك وأن تبدأ في بث ما تؤمن به بأسلوب حكيم حسن.. والحرية أن تقدر مشاعر مجتمعك وتحاول أن لا تؤذيها بسلوكياتك رغم رؤيتك لها أنها متخلفة أو دون مستواك وأن تقدر تفاوت عقول الناس واعتزازهم بهويتهم...الخ

الخلاصة:

"ذهب رجل يسأل سقراط: أستاذي بماذا تنصحني؟

ألَّا تكون وقحا وجاهلا في آنٍ واحد: أجاب الفيلسوف العجوز.

وعاد الشاب يسأل مندهشا: كيف؟

تستطيع أن تكون جاهلا ولكن بشرط أن تكون مؤدبا، فيحتمل القوم جهلك لأدبك

- استمر الأستاذ التاريخي - ولتكن وقحا بشرط أن تكون عالما فيقبل القوم عليك لعلمك. ولكن لوكنت جاهلا وأضفت إلى صفاتك الوقاحة، فويل لك من المستقبل وما يخبئه."(1)

___________

1- كتاب: مدخل الى العلوم السلوكية/ حامد ربيع/ ص 16

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك