المقالات

المنطقة الخضراء


د. حسين القاصد

 

بعد سقوط النظام الساقط عام ٢٠٠٣ ظهر اسم المنطقة الخضراء وشاع وأصبح راسخا ، حتى كاد المواطن البغدادي ينسى الاسم القديم لهذه المساحة الجغرافية المقتطعة من الكرادة من جهة الرصافة ، لتشمل حي التشريع حتى حدود الحارثية في الكرخ ؛ والتسمية _ في أصلها _ عسكرية ، حيث يتم تلوين المناطق العسكرية على الخرائط ، بحسب حجم المخاطر والأنشطة الحربية فيها ؛ فيكون اللون الأحمر للمنطقة التي تقع تحت سيطرة العدو وتكون هدفا لمرمى النيران ، أما المناطق التي تكون قيد التحرير وتكون القوات العسكرية قد قطعت شوطا في تحريرها فحصتها اللون الأصفر ، بينما تحظى المنطقة الآمنة باللون الأخضر .

بعد تصويت مجلس النواب على خروج جميع القوات الأجنبية من العراق ، وبعد التعديلات التي ينتظرها المواطن ، صار من المنطقي جدا أن تلغى هذه التسمية التي تشي بالطبقية والفوقية ، وزرع الفوارق الاجتماعية بين أفراد المجتمع .

المنطقة الخضراء بمساحتها الكبيرة وسط بغداد ليست مدينة ولا حيّا سكنياً من أحياء بغداد ، ولعل احتفاظها بتسمية المنطقة دلالة على التسمية العسكرية .

لقد ضحى المواطن العراقي بكل ما يملك من أجل الدفاع عن الوطن ، وتطهير الأرض العراقية من دنس الأعداء ، كي لا يكون أي مكان في العراق تصح تسميته بالمنطقة الحمراء .

وبعد أن شهدت بغداد بشكل خاص والعراق بجميع محافظاته هدوءاً أمنيا ملحوظا  ؛ أعقبه فتح بعض الشوارع المغلقة ، من بينها تلك التي تمر بالمنطقة الخضراء قبل اندلاع التظاهرات في الأول من تشرين الاول الماضي ؛ لكن بقيت الخضراء خضراء مميزة ، مع أن من يدخلها هو نائب المواطن الذي انتخبه كي ينوب عنه في اجتماعات مجلس النواب ويحمل طلباته .

لقد كان النظام الساقط يسمي قصوره وأماكن إدارة السلطة بالقصور الرئاسية أو المواقع الحكومية ويعطيها بعض الأسماء أو الأرقام ، لكنها تبقى مواقع تقتصر على مساحة البناية ولم تتحول إلى منطقة خاصة .

الآن ، وبعد ما شهده العراق من احتجاجات واسعة ، يصحبها ترقب للتعديلات التي توفر للمواطن بعض حقوقه ؛ ربما يكون من المناسب إلغاء هذه التسمية التي صار المواطن يتحسس من طبقيتها . لأن من حق المواطن العراقي  على بلاده والقائمين على أمر البلاد ، أن تكون جميع مناطق العراق  خضراء آمنة ، لا فرق فيها بين مواطن وآخر .

ـــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك