المقالات

العقوبات الامريكية خيال بعيد عن الواقع!


عبد الكاظم حسن الجابري

 

تتصاعد وتيرة التصريحات والتحليلات حول توجيه عقوبات –لم تحدد طبيعتها- تجاه العراق, ونُسِبَ التهديد الى الرئيس الامريكي ترامب.

بداية نود أن نشير أن ترامب لم يصرح بهذا التصريح, لافي تويتر –كعادته- ولا في مكان آخر, ولكن الأمر انتشر في التواصل الاجتماعي وبعض القنوات الفضائية معروفة بالتوجه المعادي للعراق.

لو افترضنا صحة تصريحات ترامب – الرئيس المثير للجدل- فتطبيقها على أرض الواقع ليس هينا.

أسباب كثيرة تجعل فرض العقوبات على العراق شبه مستحيل, وسنجمل بعضها في ادناه على شكل نقاط:

1-  عراق اليوم ليس كعراق 1990, ففي التسعينات كان العراق يمثل بلدا معتديا ومحتلا لدولة اخرى, وان نظام البعث كان يمثل تهديدا عالميا, لذا صار هناك اجماع عالمي على محاربة العراق, أما اليوم فالعراق يعد بلدا ديموقراطيا وفي طليعة الدول الصانعة للسلام العالمي, كونه يمثل رأس الحربة في مكافحة الإرهاب الدولي, كما أن العراق يمتاز بصداقات دولية كبيرة سوف لن تسمح بتمرير قرار دولي بشأن العقوبات.

2-  امريكا نفسها ستخسر في حال فرض اي عقوبة على العراق, ورغم ان التبادل التجاري بين العراق وامريكا لا يشكل شيئا, الا ان الشركات الامريكية الكبرى لها وجود وحضور في العراق, كجنرال الكتريك وبيكر هيوز ووذر فورد وغيرها, وهذه الشركات تعد شريكا اساسيا في صناعة القرار الامريكي.

3-  الصين وروسيا والمانيا هذه الدول الثلاث وقعت عقودا مع العراق, ولا يمكنها بحال من الأحوال أن تتنازل عن الفوائد المترتبة من هذه العقود, ومنها عقود شركة سيمنس والاتفاقية الصينية وعقود الطاقة والتسليح الروسية.

4-  اجراءات فرض العقوبات من خلال المجتمع الدولي تتم بعد ثبوت أن الدولة المستهدفة باتت تشكل خطرا وتهديدا للسلم العالمي, وهذا الأمر غير متحقق في حالة العراق بل على العكس كما قلنا في النقطة الاولى فالعراق يعد صانع سلام دولي.

5-  إن تم فرض العقوبات من جانب امريكا فقط, فاغلب الدول لن تلتزم بهذه العقوبات, فزمن القطبية الواحدة ولى وانتهى, واصبحت الدول تبحث عن مصالحها, لذا سينحاز السوق العراقي الى دول بديلة, وستكون الصين وروسيا وفرنسا والمانيا وتركيا بدائل كافية للعراق.

6-  العراق يغذي سوق النفط العالمية بثلاثة ملايين برميل يوميا, والعالم غير مستعد لخسارة هذه الكمية, فخسارته ستتسبب بأزمة اقتصادية عالمية, اذ ان سعر البرميل سيرتفع, ولن تكون دول الاوبك قادرة على تعويض هذا النقص في الوقود.

7-  تعتمد كثير من الاقتصاديات الناشئة والشركات الحديثة على النفط العراقي, وخصوصا في الهند وجنوب شرق اسيا, وهذه الشركات لن تنجر لطاعة امريكا, فهي غير مستعدة لخسارة ارباحها إرضاءاً لأمريكا.

8-  فرض العقوبات ان تم سيزيد من التوتر العالمي, وسيزيد انقسام الداخل الامريكي المنقسم اصلا بسبب سياسات ترامب, وهذا الموقف سيجعل المشرع الامريكي بالضد من قرارات الرئيس ترامب.

اعتقد ان الكلام عن فرض عقوبات على العراق هو محض تخيلات واماني لبعض الاعلاميين المرضى, وبعض الدول الغبية التي تحلم بان تحقق لها امريكا ما تريد, كما اجزم ان امريكا اليوم ليست كأمريكا في بداية التسعينات, اذ انها لم تعد القطبية الوحيدة في العالم, خصوصا مع صعود نجم الصين والبرازيل كمنافسين اقتصاديين كبيرين لأمريكا.

امر اخر لا بد ان نتذكره, ان العراقيين قد خبروا الحصار جيدا, وقد ذاقوه في ظل حكومة ديكتاتورية, لكنهم تجاوزوه بنجاح, اما اليوم فهم اكثر قدرة على تجاوزه بسبب المعطيات الجديدة على ارض الواقع.

بقي ان نُذكر بأمر مهم فأمريكا مهما تفرعنت وتجبرت إلا أن التدبير الالهي اقوى وامضى منها, ومن يضع ثقة بالله لن يخيب.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك