المقالات

توضأ أنه الحشد المقدس


 

واثق الجابري

 

 يقول العراقيون في واحدة من أجمل الأوصاف للحشد الشعبي المقدس، "توضأ حينما تتذكر إسم الحشد الشعبي المقدس".

القدسية والوصف لم تأت إعتباطاً ولا عاطفة عابرة، او ميولاً لطائفة أو قومية، قدسية من الفتوى العظيمة المباركة، ومن المهام الجسيمة والتضحيات الجليلة، والوصف أقل ما يُقال بحق رجال يستشهد أحدهم تلو الآخر من أجل إنقاذ طفل أو أمرأة، رجال ينامون عراة في الصحارى والأودية والجبال صيفاً شتاءً، يبنون وطناً وكثيرٌ منهم لا يملك بيت صفيح في وطنه، يجودون بأنفسهم وأموالهم من أجل أن ينعم العراقيون بالأمن والحرية والرفاهية.

يوم أمس كنت في إحدى القنوات العربية، ومعي ضيف من واشنطن؛ قال لي  أن الأنبار ليست كما هي قبل 2014م في تقييمها للحشد الشعبي، ويقصد صورة معاكسة للواقع، فقلت له نعم ليست كما هي قبل هذا التاريخ وكذلك الموصل وصلاح الدين وبقية المدن التي في وقتها صارت تحت هيمنة داعش والأفكار الطائفية المتطرفة، ولكن بعد ها إختلطت الدماء ومحيت آثار الطائفية، وإستعيدت الأرض بسواعد رجال قدموا أنفسهم للحفاظ على العرض والشرف العراقي، وهاهم أهالي الأنبار والقائم يتسارعون لإنقاذ جرحى القصف الأمريكي على لوائي 45و46 للحشد الشعبي ويتبرعون بدمائهم.

 الأنبار والموصل وصلاح الدين والبصرة والناصرية وسواها من المحافظات، عاشوا التجربة، وشهد أهلها بأم أعينهم كيف كان الرجال يجابهون الرصاص بصدور عارية وجباه عالية،كيف يستدينون أجور النقل للوصول الى جبهات الوغى، وكيف يحتضنون الأطفال المروعين من جرائم داعش ويرفعونهم على أكتافهم، ويتسابقون على المنايا، وقصص كثيرة سيسجلها التاريخ كالأساطير؛ أبطالها خارقون لا معنى للحياة عندهم إلا بكرامة وشرف العراقيين، وما التضحية عندهم، سوى جسر للتخلص من أبشع الجرائم والتطرف والقتل والترويع، للإنتقال الى حيث الحياة المستقرة في وطن آمن.

ذاكرة العراق لن تمحى بهذه السرعة، ولن تنطلي عليها أكاذيب الصفحات الوهمية والإعلام المغرض، الذي أراد الوقيعة بين العراقيين، وما تزال الشواهد حاضرة والدماء لم تجف، والجثث متناثرة في البراري، وجرحى مشوهين ومقطوعي الأطراف وفاقدي العيون وثوابت البصيرة، تحكي إصاباتهم تشوه فكر عدوهم، وإنقطاعه عن الفكر الإنساني وضلال بصيرته عن الحق.

تلك الشواهد لن ينساها العراقيون، وسيظهر الحجر الصلد حينما ينفض الغبار، وحينما تنجلي الغبرة، يتبيّن الخيط الأبيض من الأسود، وحينما هزت الجريمة الأمريكية ضمائر العراقيين، سيتذكرون ثورة العشرين وفتوى الجهاد الكفائي.

أخطأت التقديرات الأمريكية حين تجاوزت على مقدس عراقي، ويبدو أنها لم تفهم لحد الآن طبيعة المجتمع العراقي، والركائز التي لا يمكن أن ينسلخ منها كالمرجعية والعشائر، اللتين كانتا شرارة ثورة العشرين وأدواتها وفتوى الجهاد الكفائي بأبناء عشائرها، وبهذا العمل الإجرامي سينفض الشعب العراقي الغبار وضجيج مواقع التواصل الإجتماعي، وسينسى خلافاته السياسية والإجتماعية، وستجده  مشمراً عن ساعديه، ويقول لمن أراد المساس بقدسية العراق: (توضأ فإنهم توضأوا بالدماء).

ــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك