المقالات

معاداة السامية والصراع الداخلي الأمريكي


بقلم .. ربى يوسف شاهين

 

عرف مصطلح معاداة السامية في القرن التاسع عشر، بعد المحرقة التي حدثت في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية، على يد الألمان بأمر من "هتلر".

وتعززت فكرة المصطلح "كراهية اليهود"، ما بعد النكبة الفلسطينية 1948، جراء الانتهاكات والاجراءات القمعية والتعسفية لليهود الصهاينة على الشعب الفلسطيني، وما أعقبته سياسات المحتل الاسرائيلي في المنطقة العربية وتحديدا ابتداء من أيام نكسة حزيران 1967 واحتلال الجولان العربي السوري والضفة الغربية الفلسطينية، وما تلاها من اجراءات تعسفية وقمعية تجاه الشعب الفلسطيني والجولانيين.

أدى ذلك إلى تأسيس منظمة تدعى "حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات" "BDS"، وهي حركة دولية تقوم على مقاطعة الاحتلال الإسرائيلي من كافة النواحي، وذلك بسبب ما يقوم به المُحتل الاسرائيلي في فلسطين.

الحملة الدولية بدأت في 9 تموز/ يوليو 2005، بنداء للمقاطعة من 171 منظمة فلسطينية غير حكومية، وعمدت إلى سحب الاستثمارات وتطبيق العقوبات ضد إسرائيل، حتى تنصاع للقانون الدولي والمبادئ العربية لحقوق الإنسان".

الأهداف الثلاثة المعلنة للحملة هي :

*انهاء "الاحتلال الإسرائيلي واستعماره لكل الأراضي العربية" فضلا عن "تفكيك الجدار العازل "

*الاعتراف الإسرائيلي بالحقوق الأساسية "للفلسطينيين والمواطنين العرب في إسرائيل بالمساواة الكاملة"،

* وقيام إسرائيل باحترام وحماية وتعزيز "حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم كما هو منصوص عليه في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194."

نتيجة لذلك، ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الامريكية، لجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إصدار الأمر التنفيذي الذي يسمح لوزارة التعليم الامريكية، ان تمنع أي مساعدات أو هبات فدرالية عن الجامعات الأمريكية التي تتقاعس عن مكافحة معاداة السامية"، وذلك في 11/11/.2019

 

العلاقة الغير مألوفة بين ترامب ونتنياهو

تعزز لدى المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين على حد سواء، وخاصة اليساريين، حدوث تداعيات قد تضر بإسرائيل على وجه الخصوص، وخاصة بعد الخطوة الاخيرة التي أقرها الرئيس ترامب "السالفة الذكر"، والتي تُعد حلقة من سلسلة قراراته المتناقضة في طرح مفهوم معاداة السامية، وانتقاد إسرائيل بالنسبة للداخل الأمريكي، بالتوازي مع الغرب ككل، وحتى بالنسبة للرأي العام الإسرائيلي الذي يتفاوت بين اليمين المتشدد واليسار المعتدل، بالنسبة لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

 

فهل تصبح اسرائيل قضية حزبية في واشنطن؟

المشهد المتناغم الذي يقوم عليه مجلس النواب الأمريكي المتمثل بالحزبين الجمهوري اليميني المتطرف والحزب الديمقراطي اليساري، والذي يقبع تحت سقف الديمقراطية الأمريكية، على وشك الانفجار، وذلك نتيجة الانحياز الواضح للرئيس ترامب لإسرائيل وخاصة نتنياهو الذي يحسب على اليمين المتطرف، والذي بدا جلياً من اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، إلى ضم الجولان السوري المحتل، وقطع المساعدات عن منظمة تشغيل اللاجئين (الأنروا)، وانتهاءا بإقراره أن المستوطنات في الضفة الغربية لا تُشكل انتهاكا للقانون الدولي

 

الداخل الامريكي ومواقف الرئيس ترامب

ألقى ترامب خطاباً يوم السبت الماضي 7 كانون الأول / ديسمبر2019، أمام مؤتمر المجلس الإسرائيلي الأميركي في فلوريدا، وهو منظمة صهيونية متشدّدة، حيث قال: "كثيرون منكم يعملون في مجال العقارات، لأنني أعرفكم جيداً أنتم قتلة متوحشون ولستم أناساً طيبين أبداً. ولكنكم مضطرّون للتصويت لي، لأنه لا خيار آخر أمامكم".

لم تكن هذه المرة الأولى التي يروج فيها ترامب مقولات معادية للسامية، ففي آب 2018 اتهم يهوداً أميركيين كثيرين يصوتون للديمقراطيين بـ"الجهل وانعدام الولاء"

وفي آب 2017، دافع ترامب عن المتظاهرين اليمينيين والنازيين في مدينة شارلوتسفيل في ولاية فرجينيا، والذين كان أحد شعاراتهم: "لن يأخذ اليهود مكاننا".

السياسة الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب ستخلق نوعاً جديداً من العداء المتسلق على نزعة المصلحة السياسية، والتي بدت واضحة من تعاطي الرئيس الامريكي في تصريحاته وقراراته الداخلية والخارجية الخاصة بإسرائيل، ولا نستبعد أن تؤدي الانحيازات الترامبية تجاه مؤيديه وفرض الأمر على معارضيه، ليضمن نجاحه في الانتخابات، من سماع أصوات داخل الحزبين الأمريكيين وأيضا في اسرائيل تنتقد سياسة ترامب، التي تحاول قتل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، الذي يقوم على فكرة حل الدولتين حسب ما يراه الطرف الآخر المتمثل بالحزب اليساري.

على ما يبدو ان اعتلاء الرئاسة الأمريكية الذي نجح ترامب فيه، يقابله صعوبة اكبر في المحافظة على ولاية أخرى يخطط لها، وذلك عبر مقولة "المبررات تتيح المحظورات"، فصعود رأس الهرم لا يخلو من الصعاب ولكن البقاء فيه هو قمة الانتصار.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك