المقالات

قطاع السكن في العراق .. الفجوة ، وخطوات الحل 


عبدالزهرة محمد الهنداوي 

 

يعد قطاع السكن ، قطاع محرك لباقي القطاعات ، أي انه يشبه الى حد ما عربة القطار التي تجر خلفها العديد من المقطورات المحملة بشتى البضائع والسلع ، ولهذا نقول ، ان دوران عجلة البناء في السكن سيسهم في خفض نسب البطالة بنحو كبير ، وتحسين مستوى الحياة ما يؤدي الى تراجع معدلات الفقر ، ورفع متوسط دخل الفرد ، ذلك لان قطاع السكن ، يوفر فرص عمل مباشرة ، وأكثر منها غير مباشرة ..

ولكن السؤال ، هو كيف لنا ان نحرك قطاعا متهالكا مثل قطاع السكن ؟ ، لنحرك من خلاله باقي القطاعات التنموية  ؟ .. فالكلام المتقدم ، يعرفه الجميع ، ولا يحمل جديدا ، إذن ، المهم لدينا هو تنشيط وتفعيل العمل في هذا القطاع .. فكيف  سيكون ذلك ؟ .. وهنا نقول ، ان العراق ، ومنذ ثمانينيات القرن الماضي ، لم يشهد حركة كبيرة في قطاع السكن ، الأمر الذي ادى الى اتساع الفجوة ، وتفاقم الحاجة للوحدات  السكنية ، التي تقدر اليوم ، بنحو ٣ ملايين وحدة سكنية ، كما نجم عن أزمة السكن هذه ، نمو ظاهرة العشوائيات ، التي ناف عددها على (٤) آلاف عشوائية ، تشتمل على اكثر من نصف مليون وحدة سكنية ، يقطنها زهاء (٣) ملايين إنسان ، يشكلون حوالي (١٢٪؜) من سكان العراق ، وتسبب تنمامي العشوائيات الى حدوث ضغط هائل على خدمات الماء والكهرباء والمجاري والمدارس والمراكز الصحية وسائر الخدمات ، لان جميع العشوائيات شكلت عبئا على تلك الخدمات لوقوعها خارج التصميم الأساس ، للمدن ، وفوق الطاقة الاستيعابيةلمستوى الخدمات ، فضلا ، عن تسبب العشوائيات في احداث تغييرات ديموغرافية في المدن التي نشأت فيها .. 

وبعد هذه الجولة السريعة في تحديد وقراءة الآثار السلبية لازمة السكن في البلد ، دعونا الان نبحث عن الحلول والمعالجات لهذه المشكلة ، التي ما برحت  تتعمق ، يوما بعد يوم ، على الرغم من وجود فعاليات ومشاريع سكنية بعضها من قبل الحكومة ، وبعضها الاخر من قبل القطاع الخاص ، الا انها لم تظهر اثارها واضحة ، فمازالت أسعار الوحدات السكنية مرتفعة جدا ، وبدلات الايجارات ، تبدو مبالغ فيها ، لاسيما في مراكز المدن الكبرى ، وفي مقدمتها العاصمة بغداد ، ولعل ، أسعار قسم السكن ، هي الأكثر تأثيرا في خفض او رفع معدلات التضخم ، وهناك من يتحدث عن ان بغداد تعد الأغلى في السكن بين عواصم الدول المجاورة ! فغلاء الأسعار ، مازال يمثل عائقا كبيرا يمنع المواطن من اقتناء وحدة سكنية ، وفق امكاناته ، نعم ان المصارف العامة والخاصة تقوم بتقديم قروض لأغراض السكن ، ولكن كل تلك الإجراءات لم تفلح في ايجاد الحل الناجع والمناسب لازمة السكن ، ولهذا ينبغي ايجاد حلول اخرى مناسبة لحل هذه المشكلة ، وهذه الحلول ، يجب ان لاتبتعد عن تلك الخطوات والإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة في وقت سابق ، والمتمثلة ، بتوزيع اراض سكنية للمواطنين ، ومما لاشك فيه ان خطوة مثل هذه ستكون ذات تأثير ، لو جاءت وفق سياقات سليمة وصحيحة، وتتمثل هذه السياقات بالاتي :

١- ان لايكون توزيع هذه الأراضي عشوائيا ، إنما ينبغي ان يكون ضمن مخطط مدني حضاري حديث ، يضمن نشوء احياء سكنية متطورة 

٢- ان تكون هذه الأراضي مخدومة ، بالماء والكهرباء والطرق والمجاري والمراكز الصحية والمدارس والأسواق وغيرها .

٣- والنقطة الأهم في هذا كله ، هو ان يتم فتح باب الاستثمار في هذا الجانب ، لاننا نعلم ، ان النسبة الأكبر من المواطنين ، لاسيما الذين سيتم شمولهم بتوزيع قطع الأراضي ، هم من ذوي الدخل المحدود ، وبالتالي فهم غير قادرين على تشييد وحدات سكنية مناسبة ، إنما قد يلجأون الى بيع الأرض ، وشراء بيت متواضع في مكان نائي ، ما يعني المزيد من الفوضى العمرانية في المدن ، لهذا فان تولي الشركات الاستثمارية ، تنفيذ مثل هذه المشاريع ، سيضمن لنا أمرين ، الاول ، انشاء  احياء سكنية بطراز حديث ، والثاني ، ان المواطنين سيضمنون الحصول على وحدة سكنية ، بسعر مناسب .

٤- هناك مشكلة ، تواجه المواطن الذي يروم الحصول على وحدة سكنية ، تتمثل في المبالغة بالأسعار ، لذلك فان اغلب المجمعات السكنية ، التي أُنشئِت حديثا ، ومنها مجمع بسماية السكني  ، واجهت عزوفا  من قبل المواطنين ، بسبب غلاء اسعارها ، التي تتجاوز أسعار مثيلاتها في عواصم ومدن اخرى مثل إسطنبول او عمان او بيروت .. 

ومن هنا يأتي الكلام ، عن ضرورة الأخذ بنظر الاعتبار ، بعامل السعر ، منطلقين في ذلك ، من وجود نسبة فقر مرتفعة لاتقل عن ٢٠٪؜ ، .. والأسعار التي يمكن الخوض فيها  هي ان لاتتجاوز الـ(٤٠) مليون دينار للوحدة السكنية ، ويمكن ان تتكفل الدولة او المصارف الخاصة او العامة بتمويلها ، او بتمويل ٥٠٪؜ منها ، فيما يقوم المواطن المستفيد بتسديد كامل المبلغ  بأسلوب التقسيط المريح على مدى زمني لايقل عن ١٠ سنوات ، وقطعا ، ان هناك مئات الشركات المحلية والخارجية ، مستعدة للاستثمار في قطاع السكن ، وفق الآلية المشار اليها انفا ، ولنا ان نتصور المشهد ، عشرات او مئات الشركات ، تبدأ عملها في بناء مجمعات سكنية في كل محافظات العراق ، عند ذاك ، كم سنحتاج من الأيدي العاملة  ؟ ، وكم سنحتاج من المواد الأولية (الأسمنت والطابوق والحديد والحصى والرمل ، وباقي المستلزمات) ؟ ، مقابل ذلك ، ستنتهي ازمة السكن ، وتتلاشى العشوائيات ، ويتغير المشهد العراقي نحو الأحسن ، بشكل واضح وجلي ، كل ذلك ، لاننا سعينا الى تحريك قطاع السكن .. أليس كذلك ؟

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك