المقالات

بيتزا.. وهل الإعتراض جريمة؟  

1330 2019-12-11

هادي جلو مرعي

 

وحتى لو كان قاسيا فلا يعني إن المعترض يمارس فعلا يخالف القانون. القانون وجد ليفصل في المنازعات بين طرفين، وليحمي المجتمع من سلوكيات مضرة يمارسها أفراد، أو جماعات، ولماذا ننفي وصف الفرد بالمثقف، وننفي عنه الوعي بحال بلاده، ودوره، ومشاركته في التغيير والإصلاح، ونصمه بأبشع النقد وأقساه لمجرد إنه إتخذ مسارا مختلفا، ونادى بالتغيير، وفكر بطريقة لا تلائم مصالحنا التي نسهر عليها، ولا نريد ان تتعرض للتهديد، أما الوطن والناس والأشياء فلا تعنينا.

المثقفون وصناع الرأي من كتاب وصحفيين وفنانين عاشوا عقودا من التنوير والقراءة والكتابة والعمل في شتى مجالات الإبداع، وهولاء ليسوا بغائبين عن الوعي، وهم أقرب الى فهم الحوادث من أصحاب المصالح. لأن المثقف في الغالب لا يمتلك الكثير من المال، ويعتني بإبداعه أكثر من عنايته بالمال والمصالح، ولذلك ينظر الى الأمور بتجرد عن المصلحة المادية، ويهتم بجمالية الأشياء، وبالبحث عن المستقبل والسعادة فيه لأنه حالم بطبعه، وحين يتم جلد الأحلام لا يعود المثقف مهتما بالمكاسب لأنه حينها يشعر بطعنات الخناجر في خاصرة كبريائه فينتفض رافضا السائد، معترضا عليه، ناقما ثائرا، وليس كلنا يستطيع فهمه، والتعاطف معه.

مضت سنوات على إختفاء ذلك الصديق الذي كان يتحدث لي عن الرغبة في الإصلاح والتغيير، ومحاربة الفساد، وكنت أتفهمه، وخلال السنوات التي تلت إختفاءه إختفى ناشطون ومثقفون، وقتل صحفيون، ومضت أيام الوطن رتيبة بالية لأن القائمين على شؤون البلاد أرادوا تلك الأيام كما كانت قبل مجيئهم، رتيبة مملة، والمهم أن يحافظوا على هيمنة لن تدوم لهم، وسيندمون.

قبل أسبوع من حادثة غيابه إتصل بي لأكثر من مرة لنجلس سوية في عاصمة بلاده التي أحب زيارتها، كان يظنني فيلسوفا، ولم أكن كذلك، بل كنت حزينا لأنني كنت أتمنى أن لا أراه ناقما مثل عراقيين كثر، وكنت أرجو دولة ناهضة ضاعت للأسف.. كان طيبا للغاية، وكانت آخر هداياه لي وجبة بيتزا، وكلما مررت قريبا من المكان الذي جلسنا فيه، وتحدثنا أبتسم بحزن.

ـــــــــــــــــــــــــ

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك