المقالات

الانقلاب العسكري.. وفرص نجاحه في العراق!!!  

1980 2019-11-26

🖊ماجد الشويلي

 

 

يعتمد نجاح الانقلاب العسكري في اية دولة كانت على عدة عناصر ومقومات ،يمثل بعضها مقدمة له ،سواء على مستوى خلق مبرراته او على مستوى التهيئة لمستلزماته . هذه العناصر والمقدمات تتبعها ايضا خطوات اخرى مكملة لضمان نجاحه وتثبيته وبلوغ غاياته .فنجاح الانقلاب لايقتصر بالانقضاض على السلطة او تغيير النظام السياسي في بلد ما فحسب ؛ وانما يعتمد على مدى قدرته على استحصال التاييد المحلي(الشعبي)  والاقليمي والدولي له ، وتقديم البديل الناجع للمشكلة المستعصية التي يعاني منها البلد بشعبه ومؤسساته .

إِذْ ان نتائج الانقلابات العسكرية غالبا ماتكون وخيمة على الانقلابيين فيما لو اخفقوا فيه وتم اجهاضه .فيكون مصيرهم بعدها الاعدام كما حصل مؤخرا في تركيا على سبيل المثال لا الحصر .

وهذه النقطة الجوهرية هي من اهم الاسباب التي تحول دون تفكير القادة العسكريين به ، خاصة في الانظمة الديمقراطية .فان الانقلاب العسكري فيها لايكون سهلا ولا مبررا في اغلب الاحيان ،الا في حالة الانقلاب بالدافع الايدولوجي وهو ما يصعب تحقيقه بالمرة في ظل الانظمة الديمقراطية  كما اسلفنا باعتبار ان هذه الانظمة  عادة ما تمنح حرية التعبير الفكري والانتمائي وتتيح امكانية العمل السياسي بكل سلاسة .

هذا من جهة ومن جهة اخرى هو صعوبة ايجاد منظومة قيادية عسكرية تبسط اذرعة تأثيرها على كل مفاصل القوات المسلحة بايدولوجية واحدة في النظام الديمقراطي التعددي كالنظام السياسي في العراق حاليا او ان لها كاريزما مؤثرة في الجميع شعبا وعساكر .

فالمحاصصة السياسية قد شملت القوات المسلحة بكل صنوفها . ورغم ان هذا الامر مقيت الا انه يجعل من امكانية انخراط القيادات العسكرية وتقبل فكرة الانقلاب امرا في غاية الصعوبة .

ففي مؤسسة عسكرية يكون فيها الوزير من طائفة ووكيله من طائفة اخرى ورئيس الاركان من مكون آخر وهكذا بالنسبة لقيادات الفرق والالوية . بل وحتى لو رجعنا للضباط والمراتب المنضوين في هذه التشكيلات لوجدنا ان مايسمى بالتوازن الطائفي حاضرا فيها ولايوجد تشكيل مقتصر على مكون واحد بل ولا على اصحاب توجه سياسي وايدلوجي واحد .

حتى ينساقوا وراء انقلاب عسكري بتوجه ايدلوجي  معين .

ولو فرضنا جدلا ان هذا الانقلاب وبدعم خارجي قد كتب له النجاح في الاطاحة بالحكومة ، لكن من يضمن تاييد المرجعية الدينية له وهي التي بينت في خطبتها الرابعة بعد تظاهرات 1_25 اكتوبر تشرين الاول وما تلاها من احتجاجات وشددت بقولها

 ((ليس لاي شخص اومجموعة اوجهة بتوجه معين او اي طرف اقليمي او دولي ان يصادر ارادة العراقيين بذلك ويفرض رايه عليهم))

وهي التي تسطيع بكلمة واحدة ان تجيش الشارع وتثوره بوجه الانقلابيين .

فماذا بوسعهم ان يفعلوه حينئذ ، هل سيقمعون الشعب ام ماذا ؟!

وماذا سيكون موقف الحشد الشعبي من الانقلاب وهو القوة العقائدية الاكبر هل سيقف مكتوف الايدي وهو المستهدف من قبل الامريكان ودول الثراء البترولي وله مايكفي من المناوئين في الداخل والخارج؟؟

هل سيقف متفرجا وهو يرى العراق الذي انقذه بدماء ابنائه الزكية يدخل في نفق مظلم لايعرف اوله من آخره ؟

نحن لا نجزم بانه سيبادر لاجهاض الانقلاب فذلك الامر مرهون بساعته .لكن يقينا سيتأزم المشهد ويتعقد اكثر ولايمكن التكهن بمآلاته ابدا .

وقد يكون للامريكان رؤية خاصة للانقلاب العسكري في العراق . الا انهم ايضا يدركون أن الانهيار التام للوضع في العراق ليس من مصلحتهم ولامصلحة حلفائهم في المنطقة .

 لانهم يعرفون جيدا ان اذرع ايران في العراق اقوى من اذرعتهم وقد يرتمي العراق حينها  برمته في احضان ايران .

وهذا ماتخشاه ولديها من المؤشرات الجدية عليه الشئ الكثير .

وقد يقال بان الانقلاب ماهو الا سُلَمَاً وذريعة لخلق مسوغات عودة العراق لطائلة البند السابع وهو مايعني شرعنة لاحتلال امريكي جديد للعراق .

نعم هو امر ممكن حدوثه لكن ليس بمقدور احد التكهن بما ستؤول اليه الامور بعد ذلك.

فامريكا نفسها ليست مستعدة لمواجهة فصائل المقاومة التي طردتها من العراق نهاية عام 2011 لانها تعلم يقينا انها معركة خاسرة سلفا ولعل هذا مادفع بها لتسليح وتدريب بعض العشائر في المنطقة الغربية لتخلق منهم ضدا نوعيا للحشد فيما لو ارادت خلط الاوراق او تصدى الحشد لاجهاض الانقلاب او مواجهتهم عسكريا .

وتبقى هناك جملة (الاجراءات ) والخطوات التي يتحتم على الانقلابيين اتخاذها لنجاح مهمتهم . وهي من الصعوبة بمكان تجعل منا واثقين الى درجة كبيرة بان اي انقلاب عسكري في العراق مهما كانت قدرته ومسوغاته لايمكن له ان يستوفيها .

فكيف يمكن للانقلابيين التحكم بوسائل الاعلام وجعلها مساندة لحراكهم مع وجود العشرات من القنوات الفضائية التابعة للاحزاب والحركات السياسية في البلاد .

فهي ليست قناة واحدة ليتم السيطرة عليها واذاعة البيان رقم واحد منها فينتهي كل شئ !!

وكذلك المباني الحكومية لايمكن السيطرة عليها بشكل كامل مع وجود تشكيلات مسلحة قوية مثل الحشد وفصائل المقاومة  والامر ذاته بالنسبة للنقابات والهيئات . ومما يجدر ذكره ان السيطرة على النقابات والهيئات  لم تعد كفيلة باسقاط الانظمة السياسية كما في السابق خاصة في الانظمة الديمقراطية التعددية مثل النظام في العراق.

أضف الى أن ذاكرة العراقيين لازالت  تحتفظ بانطباعات سيئة جدا عن الانقلابات والانقلابيين وحكم العسكر الذي دفع الشعب ضريبته غاليا الى هذه الساعة . ومن الصعب جدا  على اي انقلاب ان يجد له حاضنة اجتماعية او تاييد جماهيري واسع  في ظل  وجدود هذا النمط من التعددية وهو من اهم لوازم نجاحات الانقلاب العسكري .

فالزعامات الدينية المتصدية للشأن السياسي وكذلك العشائرية تلعب دورا بارزا في الشؤون السياسية والاجتماعية . وكثير من العشائر بات بحوزتها امكانات تسليحية كبيرة .

ولو اتينا على قراءة ماحدث مؤخرا من نشر بيان الانقلاب العسكري على موقع جهاز  مكافحة الارهاب الذي ادعى ان الفريق طالب شغاتي يقود انقلابا  عسكريا على السلطة ثم سرعان ماكذب الخبر وادرج في سياق عمليات التهكير التي تتعرض لها الصفحات والحسابات في مواقع التواصل .

والحقيقة ان عملية تهكير صفحة بهذه الاهمية مسالة حساسة جدا وصعبة للغاية وان رفع المنشور بهذه السرعة الفائقة لايشي بحدوث تهكير بل يؤشر ويرجح ضلوع جهة مقربة وقريبة من ادارة الصفحة وان البيان كان مقصودا لغرض ما .

سنقف على اسئلة محيرة نوعا ما !!

فمن هي الجهة التي عملت على اشاعة هذا الامر ان لم يكن صحيحا وماغايتها ؟

ومن هي الجهة المستفيدة من الانقلاب ؟وهل ان رئيس جهاز مكافحة الارهاب على علم به بماحصل ؟

كل تلك الاسئلة بلحاظ ماقدمناه من محددات لبيان امكانية نجاح الانقلاب العسكري في العراق ، تجعلنا قريبين من الجزم بان الولايات المتحدة باتت يائسة من امكانية نجاح الانقلاب العسكري خصوصا بعد ان فشلت مآمرتها في ايران بوقت قياسي وقد كانت تعول كثيرا على ارباك الوضع في هناك لاشغالها عن العراق ولبنان وسوريا .  ولانها على يقين بان اي انقلاب عسكري في العراق لن يكتب له النجاح مادامت ايران مستقرة فستقف لجانب العراق لاعتبارات عدة معروفة لدى الجميع .

فايران التي وقفت سدا منيعا دون سقوط النظام في سوريا لايمكن لها التهاون مع عودة تجحفل القوات الامريكية في العراق او  مجئ حكومة مناوئة لها وموالية لواشنطن خارج اطار خيارات الشعب العراقي ومرجعيته الدينية.

ومن هنا ايضا فان اغلب الظن بان ماجرى كان محاولة لجر الحشد الشعبي الى مواجهة مع  بقية صنوف القوات المسلحة لارباك الوضع اكثر وخلق مزيدا من مبررات التدخل واظهار الحشد بمظهر المارق والمتمرد على القانون والدولة تمهيدا لحله بقرار اممي .

فوحده البند السابع من يتيح للامريكا حل الحشد !!

ورغم ان هذه الخطوة كانت استكمالا لما بدأته الاجندات المشبوهة من محاولات جر الحشد وفصائل المقاومة لمواجهة المحتجين السلميين ومن ثم للاقتتال الشيعي الشيعي لكنها على مايبدو  قد باءت بالفشل .

وان خيار الانقلاب العسكري  في العراق لم يعد خيارا عمليا يعول عليه للانقضاض على السلطة

وان زمام الامور بيد الشعب كل الشعب من اقصاه الى اقصاه وهو الذي سيحدد مستقبله بطريقة حضارية واعية قريبا ان شاء الله تعالى

ـــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك