المقالات

من حافة الشجرة بدأ التاريخ


احمد الكاشف

 

ثم يدور الزمان دورته, وإذا بخلفاء الصبابة, يعيدون أمجاد الشهداء, يسيرون على درب المنايا, يعشقون الموت, كعشق الهيام.

سمعنا بان محافظة الناصرية تسمى بالشجرة الخبيثة, وباتت تعرف وتكنى بهذا الاسم الغير منصف بحقها, هذه المدينة الغراء الخالد التي قارعت أحتلال الإنكليز, أبان مطلع العشرينيات, وعرفت بثورة العشرين.

عادةٍ الكاتب يرسم ما يدور بذهنه, ولا يتجاوز حدود فهمه, إذا ما تثاقلت عليه الهموم, له مشاعر ككل الناس, و لكن يفوقهم إلى حدٍ كبير, البعض ينظر إلى الشجرة شجرة, والكاتب ينظرها بكل تفاصلها وجمالها, أغصانها أوراقها ألوانها. يتطلع ألى قصة سحرها الخلاب.

ليس الكاتب فحسب من يحمل المشاعر والأحاسيس, بل يحملها كل إنسان يدرك الحقيقة, ويمكنه ترجمة ما ترى عيناه, ويعبر عما يدور ما بداخله من فرح, أو حزن عكس غيره.

مرةٍ سالت صديقي قلت: له صف لي تلك الشجرة, أختصر بقوله: إنهاء جميلة! وأنا بالحقيقة تألمت, من إجابته, لأنه لم ينصفها, ولم يبين حقيقة وقصة جمال الشجرة, و ما رأت عينيه, وسمعت أذنيه, من قصص الأبطال والشجعان, الكامنين تحت ظلالها.. فقلت: له خذ عيوني كي اريك ما خافٍ عنك.

بالناصرية شجرة خضراء, مطلة على نهر الفرات, مترامية الأطراف, تلقي بظلالها على مفترق الطريق, وأغصانها متدلية على الأكتاف, وقطوفها دانية وكأنها لوحة, خطت بمزيج متناسق, بلون البارود, على يد أفذاذ, يجيدون الرسم ببنادقهم نحو المحتل البريطاني.

مدافعين عن الأرض والعرض, فصوروا لنا بدريون ذلك الزمان أجمل صور الملاحم, وأكثرها إثارة, من شجرة الناصرية, وضفاف الفرات, انطلقت الهمة والعزيمة, لمقارعة المحتل, الذي تعود المرور بتعزيزاته وذخيرته, عبر نهر الفرات, كمنوا لهم الأفذاذ, تحت وبين أغصان شجرة المفخرة, ومنها انطلقت أول شرارة الغضب.

هي معركة الغليوين ومعركة الفضيلة, أدت بخسارة الانكليز, خسارة فادحة, بالأرواح والمعدات, كانت هذه الشجرة, هي عنفوان وكبرياء رجال العزة والكرامة, التي إطاحة بكبرياء الاحتلال البريطاني, وأثارت هذه الحادثة غضب الجنرال الانكليزي, بعد ما عرف الكمين من شجرة حافة النار, فأطلق عليها أسم غيظ.. بالشجرة الخبيثة!

فمن الطبيعي أنك ترى بوضوح وإعطاء صورة حقيقة, من السؤال؟ وليس القصد بأن صديقي غير منصف بجوابه, مع أنه يحمل نفس المشاعر والأحاسيس والفكر, لكن أود القول: كل إنسان وله حرفته, وحرفة الكاتب أو الشاعر تختلف عن غيره.

هذه الحرفة, هي التي ترى وتروي, صورة من يعيد لنا أمجاد الآباء و الأجداد, ومنهم الشهداء الأفذاذ, وعلى رأسهم الشهيد, و خليفة الشهداء(علي سالم جابر) الشاب العشريني, أبن الشجرة الطيبة, من الناصرية, الذي يذكرنا, بثورة العشرين, الفارس الأعزب, والبطل الغشمشم, كان عاشقا للموت كعشق الهيام, قارع أكبر ماسونية عرفها التاريخ.

أفترش الساتر تلوى الآخر, وتشهد له رجالات الحرب, و صوت دوي الإنفجارات, ويكبر له أزيز الرصاص, في معركة الصقلاوية, ويهلل له بمعركة عامرية الفلوجة والخالدية, وتمجد له غرب نينوى المفخخات تمجيدا..

كان رحمه الله من العبد الركع السجود, محبا لوالديه, عاشقا إلى أهله وأصدقائه, و محبا للجهاد في سبيل الله, راح شهيدا سائرا على درب المنيا, من أجل تطهير الأرض من داعش.

رسالتي: الشهيد(علي) أبن قلعة سكر, بدمه الطاهر, أعاد لنا همم مفخرة رجال الشجرة الطيبة, و أمجاد ثورة العشرين.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك