المقالات

اين تكمن مشكلة النظام في العراق ؟!


عبد الحسين  الطالمي

 

سؤال عريض ربما يقف عنده كل مخلص يريد للعراق وابناء العراق الخير واضعا خلف ظهره كل التداعيات وتراكمات الماضي والحاضر ومتطلعا الى رسم مستقبل الاجيال.

لاشك ان مرحلة ما بعد انتهاء حقبة الدكتاتورية وأسلوب نهايتها ترك اثرا على الخطوات التي تلت السقوط، خصوصا وان هنالك ارادتين في ذلك الوقت تحكمت في مجريات الاوضاع.

 ارادة المحتل والقريبين عليه الذي اراد تفصيل نظام على مقاسه وطريقته، وارادة المرجعية والقوى السياسية القريبة منها والتي كانت تريد نظام يمثل الشعب وهو بنفسه الذي يختار نوع النظام.

عندما انتصرت ارادة المرجعية وكانت اول الخطوات هي كتابة الدستور الذي  هو محور النظام الجديد وبعد سجال وجدال واخذ وعطاء تمت كتابة مسودة الدستور الذي لعب المحتل واجتهد على زرع عبوات ناسفة فيه منها ما هو مسؤول عن وضعها (نظام الاقاليم والذي اعتبر كردستان واقع حال) ومنها ما وضعتها القوى السياسية نتيجة تركة الماضي وتأثير ذلك على نفسية واضعي الدستور.

 ومن ذلك نوع النظام ( برلماني او رئاسي او ملكي)  فاختارت البرلماني تخوفا من عودة الدكتاتورية في حالة اختيار الجمهوري الرئاسي .

 في رايي من هنا بدأت مشكلة النظام  بين دولة داخل دولة وبين نظام يجمع كم كبير من الكتل والاحزاب غير المنسجمة بل ومتقاطعة في اغلب الموارد، بدت متخندقة طائفيا وقوميا ثم تحولت الى تخندق كتلي في نفس المكون ما فرض سياسة الحصص اولا طائفيا وقوميا (شعية سنة اكراد) ثم سرى هذا التخندق الى محاصصة كتلوية ما افقد النظام قدرته على الاستجابة السريعة لمتطلبات النهوض وخلق عداء داخلي اقليمي يغذي الخلافات على جميع المستويات ، وطالما القضية محاصصة اولى رغم انها لم تكن ذا ثاثير سلبي على الاوضاع مثل تاثير السقف الثاني من المحاصصة وهي المحاصصة الكتلوية في نفس المكون.

 من هنا بدأ الانحراف وتجذرت الخلافات فكل كتلة تريد النار الى قرصها لذلك سعت بكل جهد ووسيلة للحصول على اكثر الفرص لتجذير وجودها مما خلق حالة من التنافس غير الشريف وتقاطع وصل الى حدود تجاوز  الخطوط الحمراء بين المتنافسين.

فأصبح البرلمان منصة تعطيل البعض للبعض الاخر سواء على مستوى التشريع او على مستوى تقيد التنفيذ بقيود تلك الخلافات وبدى الضغط والإبتزاز حتى سرى نفس النمط والطريقة الى الحكومات المحلية والتي اخذت تتبلور على ضوء تبلور المركز من هنا بدى التنافس معطلا وليس دافعا للبناء فكل كتلة تحاول افشال الكتلة الاخرى فهي تسند وزير وتعارض وزير ليس بدافع المهنية والعمل بل بدافع  افشال الكتلة الاخرى خصوصا مع دخول رؤساء الكتل في قيادة الكتل في داخل البرلمان وخارجه.

  ونتيجة الاختلاف والتقاطع بينهم وعدم وجود مشترك معين بينهم كبرت فجوة التقاطع  وكثرت عصي العرقلة للتنفيذ على كل المستويات وأصبحت الوزارات كتل ولجان اقتصادية تغذي اطرافها لكي تتمكنها من التقدم في الجولات القادمة  لذلك اصبح الابتزاز منهج وأسلوب  وتقاسم ابسط الدوائر شىء طبيعي جدا

لذلك نرى ان مشكلة النظام السياسي تكمن في نوع النظام وتدخل الكتل في صناعة قرار التنفيذ بل حتى في مجرياته ففقده القدرة على الاستجابة لمتطلبات العمل ونتشر الفساد المشرعن والروتين وسوء الادارة وتفرعن الفاسدين الذين وجودوا ملاذ امن لهم  يسمى (الكتل)  فالفاسد عند (س)  هو نزية عند (ص) لأنه جابي له يحلبه حيث شاء وأمر .

وخلاصة القول تقاطع الكتل فيما بينها وقدرتها على مسك الامور داخل البرلمان هي المشكلة التي اخرت وقزمت ودهورت النظام البرلماني الديمقراطي بالعراق فالشعب ما يزال يميل الى الرمزية والطبقة السياسية كلا يغني على مصالحة  لذلك من يريد اصلاح علية ان يصلح النظام بما يتوافق مع  التوجه الشعبي وطريقة تعاطيه مع الاحداث.

نريد تنفيذ مطلق اليد لنضع له سقفا ونحاسبه علية في كل المستويات وذلك يحتاج  تغير دستوري لبعض المواد وتوافق وطني على ذلك ثم يصار الى التنفيذ بدون فوضى وفلتان وقتل ودماء ...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك