المقالات

"غَدير خُم" سياسة ماضي وحاضر ومستقبل


ميثم العطواني

 

نحتفل اليوم بعيد الغدير، وهو من أهم الأعياد التي نحيي طقوسها كلّ عام في اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة، ويُذكر أن هذا العيد عرف في بداياته الأولى عام 352 هجرية في العراق، ومنذ ذلك العهد والمسلمين يتخذونه عيداً لهم، وان لهذا العيد قصة سميت بــ "غدير خم"، نسبة لغدير ماء بين مكة والمدينة المنورة يسمى بــ "خم"، وفي ذات يوم قام الرسول محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم خطيباً في الناس في موضع غدير خم، وبدأ الخطبة بحمد الله تعالى، والثناء عليه، والوعظ، والذكر، وأخذ يقول: "وأنا تارك فيكم ثقلَينِ، كتابُ اللهِ وَعترتي"، إذ خص النبي الكريم هذه الواقعة المباركة لأغراض نبيلة، ومقاصد عظيمة، ومن أهم هذه الأغراض وهذه المقاصد، هو المقصد السياسي لواقعة غَدير خُم، فلا يستطيع أحد أن يغفل هذا البعد والذي تكلم عنه كثير من مفكري الإسلام، حيث يعد هذا بمثابة إشعار الأمة وتوجيهها نحو القائد بعد الرسول الأعظم، لا ترك القضية سائبة وحاشى الرسول من ذلك، فكيف لا وهو المعجزة الإلاهية، وهو المعلم الأول ورسول الإنسانية، وليس عيد الغدير إلا تعليمَ الأمة معنى القيادة، وتعليمها أيضا كيف تتسع روح القائد حتى يرجع البلد وكأنه دار واحدة يتحقق فيها العدالة بمعناها العملي، ويهدي الناس بعضُهم إلى بعض هدايا القلوب المخلصة المحِبة، وكأنما روح القائد روح رب الأسرة الواحدة في الأمة كلها، وليس عيد الغدير إلا تعليمَ الأمة كيف توجه بقوتها حركة الزمن الى معنى واحد كلما شاءت، فقد وضع لها الرسول محمد صل الله عليه وآله وسلم هذه القاعدة لتخرج عليها الأمثلة، بأن الحال يتغير دوما، حيث لا يدوم الباطل، وينتصر الحق وإن طال الزمن، يوم الشعور بالقدرة على تغيير الواقع الذي ترفضه الأمة .

عيد الغدير هو مصدر عزة هذه الأمة، وأنه سر التقدم إذا ما أستثمرت اهدافه لخدمة الإنسانية، ولا نهضه بدونه لما يحمله من معاني عظيمة، ولا استقرار في المجتمع إلا بالوحدة والتآخي والعمل الجاد ونكران الذات، وهذا ما قام به الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام، عمل على وحدة المسلمين في أصعب الظروف بعد وفاة النبي صل الله عليه وآله وسلم، وخدم الإنسانية جمعا ولم يختص بالمسلمين، وكان محبا للفقراء، راعيا لمصالحهم، ساهرا على خدمة الرعية، حتى وصل الحال بخلافته ان يضع الحبوب على قمم الجبال لإطعام الطيور، وذلك حتى لا يقال ان الطير جاع بفترة خلافته عليه السلام .

وانطلاقا من هذه المناسبة العظيمة التي توجب على المجتمع وقياداته كلاً من موقعه ان يقتدي بنهج الإمام علي عليه السلام، والعمل بمبادئه، وتطبيق فكره، وبخلافه يبقى المجتمع يرزح تحت قيادة باطلة تذيقه الويلات .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك