المقالات

حاجة الدولة الى شهادة حسن السير والسلوك..!

2105 2019-08-13

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com

 

ربما يتذكر كثير من الذين تجاوزت أعمارهم؛ الستين أو السبعين عاما، أنه كان على المتقدمين للإشغال الوظائف العامة، او الإنخراط في الكليات العسكرية، أو الحصول على مقعد في الجامعات والمعاهد العالية، أن يجلبوا شهادة حسن السير والسلوك، لتكون من ضمن ملف التقديم.

لقد كا الحصول على هذه الشهادة صعبا، فقد كان يتعين أن يذهب طالبها؛ الى كاتب العرائض قرب مركز الشرطة، حيث يحتفظ هذا الـ"عرضحالجي" بنسخة منها، يكتب لطالب الشهادة مثيلا لها بقلم الـ"قوبيا"، الذي شبه قلم الرصاص ولكنه ليس قابلا للإمحاء، ثم يذهب الى مختار محلته او قريته، لـ "يمهرها بمهره"، بعد ان يمهر عليها إثنان من "الختيارية"، الذين يجب أن يعرفونه بشكل مؤكد.

 يذهب بعدها الى "مأمور" مركز الشرطة، الذي يسأل صاحب الطلب بضعة أسئلة يؤيدها بختمه وتوقيعه، ثم يرسل الإستشهاد الى مديرية شرطة الأدلة الجنائية، لتؤخذ بصمات صاحب الطلب لأصابعه العشرة، ويتم التحقق من سجله الجنائي، ليعطى بعد ذلك شهادة "عدم المحكومية"، التي تعني أن صاحب الطلب ليس لديه سجل جنائي، وترفق بهذه الشهادة، شهادة حسن السير والسلوك، ليصبح الشخص المعني لائقا إجتماعيا، لإشغال المنصب أو القبول بالجامعة أو المعهد!

مثلما ترون فإن التشدد الأخلاقي، إزاء طالبي إشغال الوظائف والمناصب العامة، مرافقا للتشدد العلمي، وفي معظم الأحوال يقف عائقا أمام الحصول على المناصب، وكانت المحصلة أنه يسير بشكل مواز للخبرات والمهارات والقدرات الفنية الخاصىة.

كانت هذه الشهادات تعني؛ الرجوع إلى سوابق الأشخاص وماضيهم، كوسيلة لإستكشاف مستقبلهم، وما يمكن أن يرد منهم حينما يكلفون بالمواقع الوظيفية العامة، وذلك لضمان سلامة المجتمع، ولأن الذين يشغلون المناصب يمثلون الشعب، ولذلك فإنه يتعين الاعتناء بهم أكثر، ليخرجوا وهم أكثر حصافةً وحصانةً.

لم يكن يسيرا الحصول على شهادة حسن السير والسلوك، لذلك فإن من يحصل عليها كان يَعُدث نفسه قد حصل على شهادة جامعية حقيقية..

قد يحدث تلاعب في الشهادات العلمية، ويحدث تزوير في شهادات الخبرة، ويدفع كثيرون لكثيرين رشاوى؛ لإشغال معظم الوظائف والمناصب الرفيعة، أو يتم عبر الوساطة والولاء الحزبي أو الشخصي، لكن شهادة "حسن السير والسلوك"، كانت هي الشهادة الوحيدة التي أحتفظت بمكانتها، وكانت وحدها التي لا يحدث فيها غش أو تلاعب.

كلام قبل السلام: لقد أختفت هذه الشهادات المهمة من واقعنا الراهن، ليس لعدم أهميتها، بل لأن الحصول عليها بات سهلا، وأيسر من شربة ماء، ولأن الدولة لم تعد بحاجة الى إشتراطات أخلاقية، بسبب  أن معظم قيادات الدولة بلا أخلاق!

سلام..

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك