المقالات

بائعة المناديل  

1342 2019-06-29

مجيد الكفائي

 

كانت في العاشرة من عمرها عندما أخرجتها زوجة أبيها من المدرسة، لتنزل إلى الشارع وتعمل في بيع المناديل الورقية لأصحاب السيارات المتوقفة عند إشارات المرور. ومنذ ذلك الحين وهي تعمل النهار كله لتأتي مساء، وتسلم المال لتلك المرأة القاسية.

أربع سنوات وهي على هذا الحال، تتوسل السائقين والمارة ليعطفوا عليها ويشتروا منها. وبرغم تعودها على الإهانات بسبب شعرها المنكوش وثيابها الرثة البالية إلا أن شعورها بأنها أدنى من الناس ولّد داخلها حقداً كبيراً على الجميع، أصبحت لا تفرق بين الناس، فالكل أشرار بنظرها كزوجة أبيها. كانت دائماً متعبة وجائعة. تمر على المطاعم وقت الغداء، لتطلب من روادها خبزاً أو بقايا لحم فضل منهم، وبرغم أن البعض كان يطردها، إلا أنها مضطرة لاستجداء اللقمة، فالجوع قاس. كان عملها في الشارع يحتم عليها الالتقاء بصبية وبنات يعملون معها العمل نفسه. ارتبطت معهم بعلاقات عابرة، وكانت تجلس مع بعضهم أوقات التعب، تعلمت منهم أشياء لم تكن لتتعلمها لولا وجودها في الشارع، تعلمت التدخين بعد إلحاح البعض ثم أدمنته، وتورطت أكثر لتصبح مدمنة مخدرات، كانت تبكي كثيراً مع كل عادة سيئة تتعلمها، إلا أنها ظلت تبكي يومياً منذ اغتصبها زملاؤها على قارعة الطريق، وقررت الانتقام من الكل في أقرب وقت لأنها اعتبرت نفسها ميتة.

قال لها أحد زملاء المهنة صباح أحد الأيام: لدي جماعة يريدون اللقاء بك. سألته: ماذا يريدون مني؟ أجاب: هناك عمل يريدونك أن تفعليه مقابل مال كثير. سألت: وما طبيعة العمل؟ ردّ: لا أدري، هم سيخبرونك.

وافقت وذهبت معه إلى حي شعبي، دخلا معمل حدادة بسيط، قدمها زميلها لشخص قائلاً: هي من كلمتك عنها. نظر إليها الحداد قائلاً: لا بأس إنها تنفع، ثم أعطاه 100 دولار، وقال: اذهب، وقف عند باب المعمل حتى أفرغ من الحديث معها. وحين خرج الصبي قال الحداد: أريد منك عملاً مقابل 30 ورقة من فئة المئة دولار. استغربت الصبية، وقالت: وما طبيعة العمل الذي تعطي عليه هذا المبلغ من المال. قال الحداد: سأعطيك قنبلة موقوتة لتضعيها في أحد الأسواق. قالت له: ولماذا لا تعطيها لزميلي؟ أجابها الحداد: إنه رجل، ويفتش تفتيشاً دقيقاً في كل نقطة تفتيش، وأنت فتاة ستلبسين عباءة ولن يفتشك أحد.

فكرت قليلاً، وقالت له: أعطني المال والقنبلة، سأذهب الآن. لم يصدق الحداد وذهب إلى حجرة داخل المعمل، وأخرج منها حقيبة نسائية فيها قنبلة مصنعة يدوياً، وأعطاها نصف المبلغ على أن تأخذ الباقي بعد التفجير. وافقته الرأي وسألته متى ممكن أن تنفجر؟ قال لها: ضبطتها لتنفجر بعد أربع ساعات من الآن.

خرجت من المعمل وهي تحمل الحقيبة، قالت له: اذهب إلى عملك لأني سأذهب لتنفيذ المهمة. انطلقت فور ذهاب زميلها إلى الحي الذي تسكنه، ودخلت بيت والدها، واتجهت إلى حجرة زوجة أبيها .. وضعت الحقيبة تحت السرير، ضحكت ثم بكت، واستدارت لتعود إلى بيتها الأول، شارع التشرد.

ــــــــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك