المقالات

المواطن هو بيت الداء، وترياق الشفاء..!

1866 2019-06-22

كاظم الخطيب

 

المواطن هو أساس بناء الوطن، ولبنة كيانه الأساسية، وما عداه إنما هي أسباب لتحقيق رفاهيته، وضمان حريته، وحفظ كرامته ووجوده.

دولة، حكومة، مواطن؛ مثلث الوجود الأزلي والمنطقي والواقعي لكل وطن، ولكل من أركان وقواعد هذا المثلث، خواص ومعالم وصفات يتصف بها، وماهية يعرف من خلالها.

الجهل المطبق في معرفة هذه الخواص، وفقدان التمييز المطلق بين تلكم الصفات والمعالم والماهيات؛ يعد كارثة بكل المقاييس، مما ينذر بفوضى عارمة، وضربة قاصمة لكيان أي دولة، ووجود أي شعب.

إن من أوثق عرى النجاح، وأوضح مصاديق الفلاح، لقيام كيان ما، وبناء مجتمع معين، ووجود وطن يصدق عليه إسم دولة؛ هي المعرفة الواضحة والدقيقة بكل خصوصيات وإختصاصات أركان مثلث الوجود لوطن يتمتع بالحرية وينعم بالرفاهية.

الحرية والرفاهية، لكل منهما أبعاد ومضامين؛ فالحرية تشمل: الحريات الفكرية، كحرية الرأي، وحرية المعتقد، وحرية التعليم، وحرية الإعلام، وحرية السفر، وغيرها.. كما إن للرفاهية أبعاداً ومضامين تشمل: العيش الرغيد والضمان الصحي، والإستقرار الأمني، والإنتعاش الإقتصادي، وإنخفاض الأسعار وتوفير السكن وغيرها.

قوام البلدان في إسعاد مواطنيها، وضمان ولائهم المطلق لأوطانهم ، ولا يتحقق ذلك الإسعاد؛ إلا بتحقق حرية ورفاهية المواطن، اللتان هما نتاج السلوك المتوازن بين الحكومة والشعب، مما يؤدي لقيام كيان مستقل، وبناء دولة معاصرة.. دولة بأطرٍ ومقومات، وحكومة وطنية بصلاحيات، ومواطن بحقوق كاملة وواجبات.

من خلال هذا المنظور، ثمة أسئلة كثيرة، تطل برؤوسها علينا بإلحاح مفرط، وإصرار شديد؛ هل يصدق على العراق، أن يكون وطناً كالأوطان؟ أو بلداً كما البلدان؟ هل يمكن أن تعد أركان مثلث وجوده كوطن أركاناً صالحة؟ هل يعي المواطن فيه حجم مسؤوليته في بناء وطنه؟ وهل يميز بين الدولة والحكومة؟

السؤال الأكثر إلحاحاً، والذي هو حري بالإجابة ، أكثر من الأسئلة السابقة؛ وهو هل هناك حكومة وطنية في العراق، ومن هم اللاعبون الأساسيون في عملية صنع القرار، وهل هم أهل لذلك؟ والجواب على هذا السؤال والذي لا يمكن أن تجد له مخالفاً ؛ هو أنه لا حكومة وطنية ولا أحزاب.

يمتاز العراق عن غيره من البلدان، بوجود عروة وثقى وصمام أمان، متمثلة بمرجعية السيد السيستاني، وقد واكبت مرجعيته حكومات البعث والدعوة على حد سواء، وقد واجهت منهما، ذات التصرف وذات الأسلوب، برغم إدعاء كل منهما بمجاهدة الآخر وبطلان حجته، والإختلاف المطلق في الرؤية والمنهج والهدف.

كانت عملية صم الآذان عن توجهات المرجعية، والعمل على تهميش دورها، ومحاربتها بالخفاء والعلن، قاسماً مشتركاً بين الدعوة والبعث، وكانت المصالح الشخصية، والمكاسب الحزبية، هي السمة الغالبة على سلوكهما ومنهجيهما على حد سواء، وهذا ما يتعارض مع سياسة المرجعية وأهدافها.

من أهم المعالجات التي يمكن الأخذ بها، لمعالجة أوضاع البلاد المتردية، هي معرفة السبب، ومواطن العطب، والتشخيص الدقيق لأسباب هذا التردي والعمل على إصلاحها، ولابد من البدء بمحاربة الفساد مطلقاً، وإجتثاث إصوله الحزبية، وفروعه الإدارية.

لقد كان لسلوك الأعم الأغلب من ساسة العراق- ومازال- أثراً سيئاً، وإنعكاسات خطيرة، أدت بالبلاد إلى كوارث أمنية، وإقتصادية، وإجتماعية، وإنسانية، وبيئية، حتى بلغ الأمر إلى إحتلال أراضيه، وإستباحة حرماته.

المواطن هو مفتاح الحل.. إذ لابد لنا من المواجهة الحقيقية والمطالبة الصريحة ، بكبح جماح فساد الأحزاب والكتل السياسية ومحاسبتهم، والعمل على تجفيف منابع فسادهم.

حرية المواطن ورفاهيته مطلبان غاية في الأهمية، لكنهما لن يتحققا بوعود كاذبة، ولا بشخوص زائفة، بل يجب عليه الكفاح لإنتزاعهما.   

ـــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك