( بقلم : الشيخ خالد عبد الوهاب الملا )
قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) والاعتصام بحبل الله أي بعهد الله بدليل قوله تعالى ( ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس ) أي بعهد وذمة وحبل الله هو كتابه المجيد الممدود من السماء إلى الأرض وقد قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الحديث ( أن الله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وان تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وان تناصحوا من ولاه الله أمركم ويسخط لكم ثلاثا قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال )
وامتنا الإسلامية والعربية اليوم بأشد الحاجة لكي تنظم صفوفها وتقوي شوكتها في ضوء التطورات السريعة في هذا العالم المليء بالمشاكل والحروب حيث يشهد المجتمع الإنساني تغييرا سريعا في كل المجالات الحياتية فما بال الأمة الإسلامية بكل تنوعاتها وتعدد مذاهبها تسمح للمتطرفين أن يتوغلوا في صفوفها ويرفعوا اسمها ويتحدثوا بلسانها أليست قادرة أن تطرح مشروعها الإسلامي الوحدوي الشامل للحياة الدنيا والآخرة وان تفعل عاملا مشتركا فيما بين أبنائها باعتبار أنها تمتلك الكثير من المقومات لدفع عجلة هذا التحرك نحو بناء الشخصية الإسلامية وتشكيل العقل المسلم المنفتح قال تعالى ( وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) وأنا في هذه المناسبة احذر عقلاء الأمة وعلمائها العاملين المخلصين من ظهور فئات ضالة جاهلة تستغل الإسلام اسما وتلبس التدين شعارا وهي تدعم بالوقت نفسه من جهات خارجية تضمر العداوة للعراق والعراقيين ولربما فشل أعداء العراق في إشعال الحرب الطائفية بين العراقيين أنفسهم واثبت العراقيون مقدارا كبيرا من الوحدة والتعاون ولكن أعدائهم غيروا المخطط فدخلوا للمذهب الواحد نفسه ليضربوا أفراد المذهب بعضهم ببعض ويشوهوا صورته التاريخية المشرقة وهنا يأتي دور العلماء في بث روح التسامح وإشاعة لغة الحوار الهادئ والانفتاح على الآخر فعلى عقلاء الأمة أن يتعاونوا في المصالح المشتركة فيما بينهم لكي يعيش المجتمع بود ورحمة بدلا من الأفكار المتشنجة والمتطرفة والتي تكفر الآخر وتقتل الآخر حيث لا مانع من وجود الاختلاف في الرأي وتعدد النمط الاجتهادي فإشاعة لغة الحوار الفكري لاسيما إذا كان الحوار مبنيا على حسن الظن بالآخر وتحت ظل التعاون والتسامح والرحمة وتحت شعار مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى بهذه الروح العالية من الثقة بالله وبالنفس تتضيق مساحات التشدد الديني والخلاف المبني على إسقاط الآخر وإلغاء دوره ان إحساس الأمة بهذا النمط نحو التقريب والمفاهيم المشتركة وبرامج العمل الوحدوي يقضي على بئر التوتر في المناطق الساخنة من جسد امتنا .
الشيخ خالد عبد الوهاب الملا رئيس جماعة علماء العراق فرع الجنوبالسبت، 02 شباط، 2008،السبت، 25 محرم، 1429
https://telegram.me/buratha