بقلم داود نادر نوشي
لا يختلف أثنان على ان الاعلام الحر هو السلطة الرابعة في الدول الديمقراطية , وواحد من المقومات الرئيسية في الحياة السياسية والاجتماعية لتلك الدول , بل وصل الى الحد الذي أطاح بالكثير من الزعامات السياسية والاجتماعية من خلال الدور الذي يلعبه في التقصي والبحث والمراقبة لكل مجالات الحياة اليومية 0
وقد كانت وماتزال السطوة التي يمارسها الاعلام الحر ركيزة أساسية من ركائز المجتمع المتحضر ولو تطرقنا الى الاعلام العراقي في زمن النظام البائد فأننا لن نجد ما يستحق البحث والتدقيق , فالاعلام في هذه الفترة كان مجيرا بالكامل للنظام وأجهزته القمعية والحزبيه والتمجيد بالقائد الضرورة , والتغني بالمنجزات الوهمية , وتبرير الجرائم التي كانت تمارس أنذاك حتى اصبحت المؤسسة الاعلامية أداة رخيصة الثمن بيد النظام كما لو أنها مؤسسة حكومية وهي كذلك تأتمر وفقا لما يراه النظام ويؤمن به , والمهمة الرئيسية هو التطبيل والتزمير بعيد عن كل ما من شأنه ان نطلق عليه اعلام حر ونزيه
وهذه الحاله وللاسف الشديد أمتدت الى بعض المؤسسات الاعلامية العربية الذين سخروا مؤسساتهم الاعلامية لخدمة النظام مقابل حفنة من الدولارات وكوبونات النفط , ضاربين بعرض الحائط القيم الكبيرة والهدف السامي للاعلام في هكذا مرحلة
أذن الذي يهمنا هنا هو الاعلام مابعد السقوط لاسيما بعد توفير المساحة الهائلة من حرية التعبير والرأي في الشارع العراقي بعد عقود من الكبت والظلم والحرمان , وظهور المئات من وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمقروئة , ولكن المؤسف ان الجميع يرفعون لواء الاستقلالية وشعار الحياد في توجهاتهم وخطابهم السياسي والاعلامي , ولكن لو رجعنا الى الحقيقة نراها خاضعة الى توجهات حزبية وفئوية وتسير وفقا لبرامج واهداف هذه الاحزاب , لاسيما والعراق يمر في ظل ظروف وصراعات سياسية لم تنتهي بعد
وبما ان استقلالية الاعلام لايمكن ان يتم ألا في دولة القانون ونحن في مرحلة تطبيق القانون وفرض السيادة فالواجب علينا ان نعطي للاعلام استقلاليتة حتى يمهد لنا الطريق في ماتبقى لنا من مراحل غير مكتملة ولهذا فأعلامنا اليوم مكتمل الحرية ولكنه فاقدا للاستقلالية , وهناك فرق كبير بين الحرية والاستقلال في ظل غياب القوانين التي تنظم العمل الاعلامي
لذا لابد من وجود تلك القوانين حتى نصل باعلامنا العراقي الى المستوى الذي يستحق ان نطلق عليه السلطة الرابعة في الدولة العراقية وحتى الحرية الاعلامية التي يتمتع بها اعلامنا باتت مهددة في الوقت الحاضر من خلال اسلحة الارهاب والجماعات المسلحة التي بدأت تصوب اسلحتها نحو صدور الصحفيين لكي تسكت بذلك الكلمة الحرة التي بدأت بألانطلاق , وقد سقط على أثر ذلك العشرات من الاعلاميين برصاص هذه الجماعات
وعلى الرغم من ان الدستور العراقي قد عالج في أحد مواده حرية الراي والتعبير الا ان هناك الكثير من الاساسيات قد تعوق عمل الاعلام في الوقت الحالي , كذلك علينا ان نعالج الاعلام الحزبي والطائفي والذي تتسم به الكثير من وسائل الاعلام في العراق , وهو بذلك يتصور واهما انه يخدم الجهة التي ينتمي اليها , ولكن الواقع انه ينقل صوره ضبابية وسوداء عن الواقع مما يمهد الى خلق أجواء متوترة تضر بالصالح العام , وتؤدي الى نشوء صراعات فوضوية لاتخدم الهدف الذي وجد الاعلام من اجله
ولكي نفرق بين اعلام الدولة واعلام السلطة علينا ان نجعل الاعلام في خدمة الدولة العراقية والتي هي ملك جميع العراقيين , لا ان نكون أداة سهلة بيد السياسين ورجال السلطة فهم ليس ملك أحد , فالدولة باقية وهم زائلون 0
https://telegram.me/buratha