المقالات

برهم صالح.. وعباءة الطالباني


يمكن لبعض الأشخاص أن يلعبوا دورا قد لا يتاح لغيرهم, بل وحتى لهم أنفسهم إن اختلفت الظروف والأزمنة.. وهذا يعود لأمور تتعلق بالعوامل والمؤثرات المحيطة بالحدث والشخصية, أو لميزات يمتلكونها. 

رغم الولادة العسيرة للنظام الجديد في العراق, وما رافقها من عيوب "تأسيسية", وما وضعه الدستور من مهام تكاد تكون "بروتوكولية" لمنصب رئيس الجمهورية في منظومة الدولة, إلا أن الراحل جلال طالباني نجح في صنع دور حقيقي لنفسه, كاد أن ينافس من حيث أثره في الساحة السياسية أهم المناصب التنفيذية بكل ما تمتلكه من سلطات ونفوذ. 

شخصية الطالباني الجامعة والوسطية, وطنيا وإقليميا, ومواقفه وأراءه المعتدلة, ربما سمحت له بمثل هذا الدور.. ناهيك عن رغبة وقدرة شخصية في عدم القبول بوضع "شكلي" دفعه للعمل والتدخل مستفيدا من علاقاته المتينة, مع أهم أقطاب السياسة والمجتمع حينها, فنجح في حل وتهدئة كثير من المشاكل.. فصار مقبولا بل ومحبوبا لدى غالبية الشعب العراقي. 

بالرغم من كل تلك الهالة والكاريزما الشخصية التي كان يمتلكها الطالباني, إلا أن الرجل الثاني بعده في حزبه الإتحاد الوطني, السيد برهم صالح والذي شغل منصب نائب رئيس الوزراء حينها, نجح في أن يميز نفسه لا بشكل إختلاف وتضاد, وإنما بشكل داعم للتوجه وبطريقة منحته شخصية مستقلة لها أراءها التي لا تعارض قائدها, لكنها تنفرد عنها بطريقة ما! 

من تابع مواقف الرأي العام, وخصوصا في مواقع التواصل الإجتماعي , وبالرغم من وضوح حملات " الجيوش الإلكترونية" لبعض التيارات والأحزاب, خلال فترة تشكيل الحكومة الأخيرة, وما سبقها من إختيار لرئيس الجمهورية, سيرى بوضوح أن السيد صالح كان يمتلك مقبولية عالية, وخصوصا لدى العرب, ورضى واضحا عنه من التركمان, وترحيبا من شطر كبير من الكرد, مقارنة ببقية المرشحين.. فتم إنتخابه بطريقة مختلفة عن المعتاد, وبعيدا عن قبول الأقوى سياسيا في الساحة الكردية السيد مسعود بارزاني.. في خطوة تحمل أكثر من معنى ورسالة! 

مستفيدا من الدعم السياسي والمعنوي, ومن المقبولية الشعبية التي رافقت إنتخابه إستثمر الرئيس الجديد, كل هذا الزخم السياسي, وأستهل رئاسته بجولة شملت أهم دول الإقليم, وبعض دول العالم المؤثرة في الملف العراقي, معتمدا ومتشاركا المواقف والرؤى, مع صديقة القديم عادل عبد المهدي, الذي كلف هو الأخر بتشكيل الحكومة, في مفاجأة لم تقل غرابة عن طريقة إختيار الرئاسة.. 

حققت تلك الجولة الرئاسية إنفتاحا غير مسبوق على العراق, فاق كل التوقعات.. ورغم أن الرئيس " يفترض أو يراد له" أن يكون بعيدا عن الساحة السياسية ويكتفي بإكمال سنواته الأربع.. لكن السيد صالح وفق في قلب تلك المعادلة, ونجح في صنع دور له وسط هذا الكم الهائل, من المواقف والشخصيات وطنيا وإقليميا. 

رغم أن " المام جلال" له كاريزما بطعم خاص, فهو قائد تاريخي لشطر كبير من الكرد, وأحد قادة معارضة النظام البعثي, وهو نموذج إشتراكي معتدل, نجح في بناء علاقات متينة سياسية أو شخصية, مع كثير من قادة العراق والعالم, وهذا صنع منه نموذجا فريدا, وخلق "عباءة" لا يسهل الخروج منها لمن يخلفه, كرئيس للعراق أو كزعيم كردي.. لكن برهم صالح, ربما لديه فرصة كبيرة في أن يكون, زعيما للعراق وممثلا " صالحا" للكرد, بما يمتلكه من مواصفات وقدرات شخصية, إن أستطاع يستمر بتحركه السياسي, كرئيس جامع وممثل حقيقي للعراق كله, ويقدم نموذج جديدا من القادة الكرد العراقيين, بعيدا عن ما تفرضه قيود منصبه من شكلية. 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك