المقالات

تعالوا نُعَرِف الكراهية..!


طيب العراقي

 

في ليلة من ليالي هذا الشهر الفضيل؛ حاولت أنْ أقرأ كتابا من مكتبتي حتى أنام! لكن الكتاب جعلني أزداد يقظةً، فقد كنت أقرأ صفحات؛ من هوامش إبن أبي الحديد على نهج البلاغة، ووقفت عند حجم الجريمة التي أقترفها، "سيدنا" معاوية بن أبي سفيان، بحق "سيدنا" علي بن أبي طالب..!

أخذت أقلِبُ صفحات الكتاب، ثم توقفت عند صفحة بعينها، وفجأة أصبح للصفحة أبعاد ببعد رابع؛ هو بعد الزمكان..الزمان والمكان حاضران وبقوة في هذه الصفحة، التي خطفتني إلى أعماقها المحفوفة بالمغامرة.

جيوشٌ من الأسئلة بدأت تدب بقوة؛ كأن عرضٌا عسكريا أقيم في قحف رأسي، دوامات الكتاب تبتلعني شيئا فشيئا، وها هي تغوص بي إلى حيث أرى ما لا يُرى، السقوط كان طويلاً ،كحصة رياضياتٍ مملة، وقعت على أرضٍ ناعمة يشرئب عشبُها، مثل كهرمان الجسد.

ما زلت في الصفحة إياها، ولكني نهضت متحسسا جسدي لأطمئن، فوجدت سيف الصحابي "بسر بن أرطأة"، يحز رؤوس صبيان آل عبد المطل، ولم أجد رأسي..!

مع ذلك كنت أرى بشرا، بيدهم سيوف وخناجر ورماح، يمرون جواري يركبون نياقا، ناديت أحدهم: يا راكب الناقة، يا راكب الناقة..! رد عليَ: يا هذا ما أركبه ليس ناقة بل بعير..! لكني بالحقيقة كنت أرى عورة الناقة..! شعب لا يفرق بين الناقة والبعير، هو الذي حارب علي بن أبي طالب عليه السلام في صفين، وهو نفسه الذي أختار لنا هذه التوليفة الهجينة، لتحكمنا اربع سنوات قادمة، بأذن مفوضية الأنتخابات وليس بأذن الله تعالى..!

اعود الى الصفحة، أجد الذي كان يركب الناقة التي قال أنها بعير، يعبر فوق جسدي تبعته باقي النياق، أخفاف النوق  اخترقت صدري، ولم ينتبه أي من الركاب لما يدوسون، فقد تعودوا أن يدوسوا شعوبا، فهل يهمهم جسد رجل مريض، ليس له عدة في دنياه إلا الكتابة؟!

الليلة التي تلت ليلة بسر بن أرطأة، كانت أتعس من سابقتها، بل كانت من بين أشقى لياليي، فقد أجلت الشروع بكتابة مقالي اليومي إلى آخر الليل، ولم يكن ذلك بإرادتي، بل لأني كنت أتابع الأخبار؛ عما يدور في بلدي.

كنت أتسقط خبرا من هذا المصدر أو ذاك، أدخل على مواقع النت، أفتش في النسخ الإلكترونية للصحف، ذهبت إلى مواقع الأحزاب المشاركة بالعملية السياسية، وتلك التي لم تشارك، وجدتها أحزابا تشتم بعضها بعض بأقذع الشتائم، ولجت إلى مواقع الوزارات؛ والى صفحات السياسيين الألكترونية، كنت أبحث في الحقيقة عن بصيص أمل، أو ضوء في آخر النفق، على وفق التعبير؛ الذي دخل حياتنا بعد عام 2003!

ضوء داخل النفق! أجهدت نفسي كثيرا، وصل عدد فناجين القهوة إلى أربعة، بت أتقيأ سهرا ويقضه وتعبا، أبحث عن الضوء الذي قيل أنه في آخر النفق، لكني لم أجد النفق ذاته!

لا نفق في حياتنا السياسية البتة، فيها سهوب ومفازات، وقفار وصحارى، بين الساسة حدود محاطة بالأسلاك المكهربة، وبين بعضهم الآخر؛ جدران بعلو لا متناهي..!

أمضيت باقي ليلتي؛ بحثا عن إجابةٍ لسؤالٍ شديد البساطة: لماذا تكتبنا الضغينة في دفاترها؟ لماذا نكذب على أنفسنا؟!

ليس ثمة نفق في ساحتنا على الإطلاق، فما بالك في ضوء في آخره..!

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك