المقالات

في ذكرى صالح..!


 

ليس الشهادة من يموت على حق ومن لا يبالي فيه فقط، بل الشهادة دعوة لكل الأجيال في كل العصور، خلاصتها أنك إذا استطعت انتزع الحياة وإلا فقدمها!

وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ...صدق الله العلي العظيم

الحضارات تبنى بالرجال، وتستمد تاريخها بأفعالهم، لتكتب صفحات مشرقة، تزينها تضحيات ودماء، أكثر من 4000 عام مرت على الحضارة السومرية، وهي شامخة في جنوب العراق، حيث القصب والاهوار والنخيل والرجال. 

لم يتكاثروا بالولادة، بل زرعوا في أرضها، واستنشقوا من هواها، وترووا من مائها، حتى كبرت هممهم وتصلب عودهم، وامتدت جذورهم لأعماق السماء، وغاصت العزة في نفوسهم، والطيب في أفعالهم، والسمرة في ألوانهم، والملوحة في أشكالهم، شموخ وكبرياء، شجاعة ونقاء، أصالة وإباء.

ارتباط  شهيدنا المبرور القائد المجاهد السيد صالح البخاتي رضوان الله تعالى عليه؛ بأرضه يفوق التصور، ويختلف عن باقي السلالات، ليعكس دفاعا مستميتا، عن حدود مستوطنته العريقة، فاستنشقت الأرض غيرته، وانحنى ترابها لإقدامه، واستبشرت بمولودها السومري، صالح بخاتي، قائدا وجنديا ومسؤولا، فغرست به طيب ارثها أروع الصفات، وانتقت من محاسن بذرها أنقى السمات.

اخذ يترعرع بين قصبها وهورها ومشحوفها، فقد أباه وهو ابن العامين، لينتقل مع عمه إلى مرحلة جديدة، خاض غمارها على بصيرة من أمره، وهو صبي لم يبلغ الحلم، وعاش شبابه مجاهداً يافعاً تقيا، إلتحق بالجهاد منذ بواكير عمره،بعمر الـ (15)سنة كان يدير ويزاول أعمال الجهاد! أيقن إن الدفاع عن الوطن، والجهاد في سبيل الباري، اسمى غاية يصل إليها الإنسان، منذ نعومة أظفاره، قارع النظام البعثي المجرم، مع الثلة المؤمنة من مجاهدي الأهوار، وعلى رأسهم السيد محمد باقر الحكيم قدس)، الذي تنبأ بمستقبله الجهادي، قائد عظيما، خطط لعدة عمليات ضد نظام صدام، حتى زواله عام 2003م.

وتحقق النَصر على البعث أخيراً..في الجنوب العراقي خَرجت الشمس مُغايرة لطبعها القديم، الشَمس تنفست حُرية ولامست روعة الهور، ذاك الهور ذاته الذي أصبحَ عالمياً، بفضل أبناء الجنوب وحنكة قيادتهم، لكن.. كيفَ صارَ كل هذا؟! الشمس والهور وابن الجنوب لِمن يدينون بذلك، غير للسيد البخاتي ورفاقهِ الشهداء العظماء!

لوحة رسمت على الجدران، تنبئ بقدوم قائد من نمط خاص، يذيق الأعداء شر الهزائم، يقف على رؤوس قادتهم، ليضعها تحد قدمه المباركة، معلنا النصر في الفلوجة وتكريت وجرف النصر، معارك خاضها وانتصر، انه حقا جسد الوعي الإيماني المتقدم، وحققه بأروع صوره!

 حلم الأنبياء يتجدد بفتوى الإمام السيستاني، فلبى المُحب الدعوة وركضَ مهرولاً نحو ساحة عِشقهِ القديمة، لتحضنهُ بشغف ساحة المعركة..

 عادَ صالح الصالح، عادَ القائد صالح.

يُريد الشهادة والنَصرٌ معاً، لغايةٍ في نَفسهِ يريد الشهادة، وثقةً بوعدٍ إلهي يريدها، ثم يريد النَصر، القادة لا يريدون النوم وشعبهم في حرب، لا يريدون إلا أن يطمأنوا جيداً على شعبهم قبلَ الموت، وكلاهما تَحقق، ما أرادهُ البخاتي صارَ حقيقة، العراق يتحرر والقائد يستشهد!

نال الشهيد رض شرف الشهادة وهي أعلى مراتب النقاء، لتستأذن الرصاصة ربها، حتى اخترقت جسده الطاهر، وهي تستغفر له، خجلة وجلة، راجية مستنجدة، لتعلن بداية السفر.

اصطفت الملائكة، تعزف نشيد السماء، مرتلة مهلهلة، شاكرة مستبشرة، بنقاء روحه الطاهرة، بعد رحلة الوفاء، على خطى الشهداء، سار شامخا، وارتقى شهيدا، يرسم لوحة وطن.

ألوان دماء ورائحة الحروب، تفوح من ارض العراق، قوافل أجساد تنتظر الدور، مراسيم الموت شارفت على الانتهاء، رفعت الأقلام وجفت الصحف.

أتذكر في هذه الساعة كل شهداء المجد، وأقف عند محطة الشهيد القائد السيد صالح البخاتي ولا أغادرها، لأني كنت معه لحظة إستشهاده..أخطأني التوفيق وأختاره..!

..................

حزنا/ 20/أيار/ 2019

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك