المقالات

مع من ستكون معركتنا القادمة ؟!

2581 2019-05-05

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com

 

العلمانيَّة في منطقتنا الأسلامية ـ العربية؛ تختلف عن سميتها في الغرب، فيستحيل هنا أن توصف بأنها مشروع نهضوي، مثلما هو وصفها في الغرب، فضلا عن أنها لم تكن يوما؛ مشروعًا سياسيًّا أو اقتصاديًّا أو فكريًّا أو ثقافيًّا، بل هي هنا وسيلة لمقاومة وإحباط المشروع الوطني الإسلامي بالأدوات العلمانية.

المنطقة الأسلامية ـ العربية، وعلى الأخص منها بلاد ما بين النهرين والشام ومصر، تمثل محور العالم القديم،ولذلك فقد تسالمالفكر العالمي، على أن معبأة بأرث وثقافة خاصة بها، معتمدة أساسا على الأديان وفي طليعتها الدين الإسلامي، ويعد هذا الأرث؛ اساس تكوين ووجود سكان هذه المنطقة.

لأنه لا يمكن تغريب النهضة عن الأرث، فأن هذا الأرث والثقافة، هما ما يتعين الأستناد اليهما في بناء نهضة شعوبها، أو على الأقل لا يمكن إغفال تأثيرهما في صناعة المستقبل، ذلك لأن الإنسان ليس جمادًا ولا يخضع لقواعد المادة وحدها، بل يدخل في ذلك، عوامل ثقافيَّة وتاريخيَّة ووجدانيَّة؛ اقتصاديَّة أو اجتماعيَّة أو نهضويَّة.

على هذا الفهم فإن من المسلم به؛ هو أن بلدان المنطقة العربيَّة والإسلاميَّة وبدرجات مختلفة، لن تنجح في إقامة مشروع للنهضة إلا على الأساس الإسلامي، وهكذا فإن أي مشروع للنهضة؛ يتجاهل البعد الثقافي والحضاري والوجداني للإنسان سيفشل حتمًا.

لعلَّ ذلك كان السبب الأساس؛ لفشل كل مشروعات النهضة؛ المنطلقة من أساس ليس إسلامي، والتي تمت في مجتمعاتنا؛ حيث حكمتنا العلمانية في المائة عام الأخيرة، وهو كان الأساس لنجاح المشروع النهضوي الإسلامي؛ في جمهوية إيران الإسلامية، وهو أيضا سبب نجاح العراقيين، في درء مخاطر العدوان الوهابي الداعشي، والقضاء عليه قضاءا مبرما، وهو ايضا سبب الإنتصار الأسطوري لحزب الله في لبنان، وسبب صمود سوريا بمعونة الإسلاميين، وسبب إنتصار فقراء اليمن الحوثيين الحفاة، على تحالف القبائليين من أثرياء المنطقة العربية، بقيادة الوهابية السعودية.

صحيح أن المشروع الإسلامي مشروع واسع، يحتمل اجتهاداتٍ متعددة داخل الإطار، ويقبل النقد والنقد الذاتي، فإن هذا لا يعني إمكانيَّة نجاح المشروع العلماني، لأنه أصلا ليس مشروعًا، بل مجرد "وسيلة" للهيمنة وإستعباد الشعوب مجددا تحت عنوانها.

آليات الديمقراطية التي صممتها العلمانية؛ ومنها الأنتخابات بشكلها الراهن، ليست من التراث الثقافي الأسلامي، لكون الأسلام يمتلك وسائل لتحقيق العدالة الأسلامية، أكثر تفوقا أداء ودقة وصرامة، وتعطي نتائج أفضل على صعيد الميدان، لو طبقت مثلما تطبق اليوم، في جمهورية أيران الأسلامية.

 لكن ومع الأخذ بالحسبان، نقص الأدوات العقائدية لدى باقي الشعوب الأسلامية،  فإن الاتجاه الإسلامي في باقي المنطقة، قد حسم أمره؛ باتجاه احترام التعددية السياسيَّة والدينيَّة والثقافيَّة، واحترام صندوق الانتخابات واحترام حرية التعبير والنشر، وحرية العقيدة والفكر وحرية تشكيل الأحزاب، وكل الحريات السياسيَّة والفكريَّة المعروفة.

كلام قبل السلام: معركتنا القادمة ستكون مع العلمانيين تحديدا، ليس لأنهم خذلونا في معركة الدفاع عن الوطن، إذ كان لهم دور سلبي مخز، بل لأنهم يعملون بقوة على هدم قيمنا..معركتنا القادمة هي معركة القيم..!

سلام..

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك