المقالات

الشهيد محمد باقر الصدر؛ كيف كان يفكر؟!

3310 2019-04-08

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com

 

ونحن في الذكرى السنوية التاسعة والثلاثين للشهيد المفكر العظيم، السيد محمد باقر الصدر، نكتشف الإدهاش فيما خلفه لنا من تراث فكري، هذا التراث الذي أتسم بمزايا تفرد بها عن سواه من المكرين الأقدمين والتالين!

لقد إتسمت فعاليات الشهيد الصدر العلمية بالسعة والشمول ، حيث شملت مجمل العلوم، ذات العلاقة بالعقيدة والشريعة والمجتمع الاسلامي.

تناول الشهيد الصدر بالبحث: الفقه، والاصول، والفلسفة، والعقائد، والحديث، والرجال، والتاريخ، وفلسفة التاريخ، والمنطق، والنظام الاسلامي، والاقتصاد السياسي والمجتمع الاسلامي. وقد كان يتناول الموضوع الواحد، من خلال ابعاد متعددة، ليعطي للشمول سعة وانطلاقا.

لم يهتم الشهيد الصدر بالشمول كهدف، وانما كان العمق في التناول للموضوعات والتجديد فيها، هو الهدف من وراء الابحاث التي كتبها، بحيث يلاحظ الباحث والمطالع ،لها الشئ الجديد دائما او النكهة الجديدة على الاقل، بالاضافة الى انه يحاول؛ ان يفتش في ابحاثه عن نقاط الفراغ ليملأها، ويثري بذلك الابحاث الاسلامية.

كان يستكشف النظرية الى جانب التفصيل، ولم يكتف الشهيد الصدر بالعمق كهدف اساس، بل وضع الى جانبه هدفا آخر كان يسعى اليه، وهو استكشاف النظريات العامة، التي يمكن ان تكون قاعدة، يعتمد عليها في الحالات المشابهة، فلم يقتصر في بحثه العلمي على الجزئيات وتعميقها، بل كان ينطلق منها الى الكليات؛ التي تجمعها وتربط بينها، الأمر الذي كان يضفي على العمق والتجديد ،في آن واحد بعدا جديدا مهما، يساهم في دعم المواجهة الحضارية، التي يخوضها الاسلام مع الحضارات الجديدة.

الى جانب ما تقدم؛ كانت الموضوعية طابعا مميزا لأعماله العلمية، بحيث كان يتناول القضايا المختلفة، ومن القضايا التي يتحكم بها العرف والذوق الفني، بالتحليل العلمي الموضوعي، وينتهي بها الى نتائج رائعة تفسرها، تكون العرف العام والذوق الانساني، فهو يدرسها كظاهرة اجتماعية او لغوية ،كما يدرسها العالم في مختبره، ولا يبتعد بها عن اطارها الخاص، والارضية التي احتضنتها ونمت فيها.

الواقعية صفة اخرى يتميز بها البحث العلمي للشهيد الصدر، بل سنجد هذه الواقعية؛ اساسا لكل بحث علمي في الشريعة او المجتمع..الواقعية التي تعني الانطلاق من الواقع القائم، واستنطاق القرآن والشريعة، والقوانين العلمية والتاريخية في تفسيره ومعالجته للمواضيع المبحوثة.

لقداعطى الشهيد الصدر للواقعية بعدا اعمق، حين ادخل نتائج التجربة البشرية، كطرف في البحث والمقارنة، حيث تصبح النظرية التي يراد استنباطها، اكثر وضوحا وواقعية، وذلك كان واضحا في كتب فلسفتنا واقتصادنا، والتفسير الموضوعي، حيث اعتمد اسلوب المقارنة؛ مع حصيلة التجارب البشرية المعاصرة، اساسا في فهم النظرية الاسلامية.

اهتم السيد الشهيد بالشكل ـ بالاضافة الى اهتمامه بالمضمون ـ لأن الشكل يخدم المضمون في اهدافه، بالاضافة الى ان السيد الشهيد، كان يكتب للامة بكل مستوياته،ا ولم يكن يكتب لنفسه او للنخبة العلمية فحسب.

كلام قبل السلام: الخلاصة أن الشهيد الصدر؛ لم يكن يكتب عن الواقع؛ من خلال التصور للواقع او تخيله او  ما يقرأ عنه، بل كان يعايش الواقع بعقله وروحه، من خلال الممارسة والمشاهدة الحسية ،لأنه كان يتحرك ضمنه ويتفاعل معه يوميا، من خلال الصراع السياسي والاجتماعي المستمر.

سلام..

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك