المقالات

هل يمكن أن يصول النظام القائم على ذاته؛ وكيف؟!

1893 2019-03-18

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com

 

بعد أربعة عشر عاما من سقوط نظام القهر الصدامي، هل أستطعنا إحلال نظام بديل له؛ مناقض ومتجاوز له ولآثاره، وهل ان النظام القائم هو أفضل ما استطعنا صناعته؟ وإذا لم يكن كذلك؛ هل يمكنه تصحيح أخطاءه؟! السؤال بصيغة أخرى؛ هل يمكنه أن يصول على ذاته؛ في حركة تصحيحية حقيقية وليست ترقيعية، قبل أن تخنقه أورامه؟!

العراقيون وبعد عقد ونصف من الزمان، يقفون إزاء مشكلات اقتصادية واجتماعية كبيرة، بعضها يكبلهم الى الخلف، حيث ماضي حقب الآلام والآثام، أو تأخذهم الى الأمام؛ حيث المستقبل المجهول، وفي هذا الصدد؛ فإن المعظلة الأكبر التي نواجهها، تكمن فينا نحن العراقيين, حيث ساقتنا الأحداث الى حيثما تريد، لا الى حيثما نريد.

من بين أهم تلك المشكلات؛ هي هذا التحول السلبي الكبير في طريقة معالجة الخلافات، حيث بات العنف وإستخدام القوة، والإرهاب والتسلح والتطرف بأنواعه، الوسائل الغالبة الإستخدام، المقلق هو  أن هذا التحول المُقلق  يزداد عمقا؛ كلما مضينا الى الأمام.

لقد أثبتت معطيات مقاومة الإرهاب والحرب عليه، أن مواجهته لن تتم بالقوة العسكرية، المفضية الى قلع أنيابه ونزع مخالبه فقط, بل تستوجب حلولا سياسية وإجتماعية عقلانية، ترافقها حلول اقتصادية تتوفر على الحد العملي الأدنى، من المقومات العلمية، بدلا من الإرتجال السائد في مشهد المعالجات.

 إن المواطنة والعدالة الاجتماعية، تتطلب محاربة جادة للفساد المالي والوظيفي؛ وقبلهما الفساد السياسي، بحاجة الى حلول أساسها الالتزام بالديمقراطية, كفلسفة وأداة حكم, وهذا هو التحدي الحقيقي؛ الذي تواجهه طبقتنا السياسية المأزومة دوما, فهي لم تفهم بعد معنى الديمقراطية وأسسها، أو آفاق المواطنة وضرورات العدالة الإجتماعية.

لقد أخفقت الطبقة السياسية في تنظيم نفسها، وفشلت الدولة التي أنتجتها هذه الطبقة، في صناعة أمل يطمئن الشعب عن غده، وصَمَّتْ مؤسسات الدولة آذانها عن شكاوى المواطنين، وتدرعت بالتوازن والتوافق السياسي؛ الذي مكن أميين وجهلة ومشبوهين من إعتلاء ظهورنا، وهو بالحقيقة ليس توازنا ولا توافقا على مصالح الشعب، بل هو لصوصية سياسية، على قاعدة هذا لك وهذا لي..

إن الحاجة ماسة جدا وقبل أن تفوت الفرصة؛ لأن يصول النظام القائم على ذاته أولا، والصولة على الذات تبدأ بتطهير الذات من آثامها، المتمثلة بقوى سياسية صارت خارج التغطية، وبدولة مثقلة بجهاز إداري، مشبع بالجمود والفساد، وبوزارات يديرها أناس ليسوا من جنس أسمها.

أدوات الصولة المطلوبة؛ تتمثل بتعزيز الحريات العامة، وإشاعة أجواء الثقافة برعاية مفرداتها،من مثقفين ووسائل سمعية وبصرية وورقية واليكترونية، وسعي مخلص لتوفير مستلزمات إشراك الكفاءات العراقية المركونة على الرفوف، لتحل محل أميين يديرون مفاصل حيوية بلا مؤهلات، وفي التخلص من أرث وآثار الإرهاب الطائفي الدموي، والتي اكتنفت السنوات المنصرمة، والاستجابة لمطالب الفئات المحرومة، وضمان استعادة حقوقهم التي اغتصبتها الطبقة السياسية.

لكي نكون على الطريق الصحيح، طريق الأمل بعدالة إجتماعية حقيقية، يتعين إدارة المستقبل ليس بأدواتنا الحالية, بل بأدوات جديدة، تحتاج الى تنوع جديد، وقوى إضافية جديدة، ونهج جديد، وسياسات جديدة، ودماء جديدة: دماء عاملة وليست دماء قتلى!

كلام قبل السلام: بخلافه سنكون كمن يلقي نكتة على نفسه، غرضه أن يبعث فيها الراحة، لكنه بالحقيقة يسخر من نفسه..!

 سلام

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك