المقالات

تلميذة تنادي: سيدي لن أجيبك مرتين!

2839 2019-03-09

أمل الياسري


تنظر من سطح الدار لأن جدها، ووالدها، وأعمامها، يرفضون وجود أي طفل داخل حديقة المنزل، ليدفنوا بضع كتيبات صفراء، والوقت المثالي لهذا القداس الثمين، هو ما بعد منتصف الليل، لأن عيون الطاغية تملأ كل الأمكنة والأزمنة، وبما أن العشيرة دفعت كوكبة من شبابها ومثقفيها، ثمناً للحرية والكرامة بدءاً من 1980 وما تلاها، من قمع، وعنف، وتهجير، فقد توجسوا الخوف حتى منا نحن أبناؤهم، كيلا نتحدث في الصباح عن ذلك الحدث، فلقد دفنت الحرية في الحديقة!
سنوات عجاف طويلة، لم تكن كعجاف مصر بل طال أمدها، ليدفع الشعب العراقي، رجالاً وأطفالاً في حرب وحصار مريرين، فما كابده العراق في تسعينيات القرن الماضي مأساوي، بكل ما تحمله المأساة من وصف عميق، لكن وسط هذا الصمت المخيف، هناك صوت كنا نسمعه في خلسة، يشعل فينا جذوة الأمل، وكلما وضح مصدر الصوت كنا أكثر سعادة، رغم أن صور أحباءنا لا تفارقنا، فهم ما بين مغيب، ومفقود، ومعدوم، ومدفون في المجهول، إنه صوت الثورة الإسلامية في العراق. 
هناك قضية تعيش في وجدان الجماهير وضميرها، وبإرادة غيبية تصبح هذه القضية طاقة محركة للأجيال، تقارع الحكم وترفض الظلم، فترى الرجل العظيم يخرج من بين القصب، ليعلن ثورته المعطاء، فهو زاحف بأسرته وأنصاره نحو الحرية الحمراء، حتى في أشد الظروف قساوة، فلم يبالِ السيد محمد باقر الحكيم (قدس) بهذه الأوضاع، فمفاتيح بيته الكريم أقفالها: هيهات منا الذلة ونحن حسينيون، مستحضراً صور (الكبد والطشت والرمح والرأس)، فيطلقها صوب الطاغية ليقض مضجعه البائس لينادي: لبيك يا حسين.
من العام ( 1980 وحتى بدايات عام 2003) لم يجرؤ أحد على حفر المكان، الذي جرى فيه قداس الكتب الشهيدة، وكنت أنظر إليه بإمعان رغم أنني فارقته سنوات، لكن بمجرد سماعنا لنبأ سقوط الصنم البعثي الكافر، حتى زحفت أقدامنا بلا شعور صوب ما بقي من حديقة جدي، ورحت أحفر بيدي أنا وأخوتي وأبناء عمومتي، حيث بتنا في عمر الشباب، عندها تفاجئنا بما ظل خالداً بين ذرات التراب الرطب، ليشع عبق كلمات معطرة قالها شهيد المحراب آنذاك.
كلمات مضيئة خالدة أمثال:(أمريكا تريد نشر إسلام مهادن، يسكت عن الظلم ويداهن الطغاة، إسلام يشتري الضمائر بالأموال، ويرضى بالفساد والقمع والعنف، إنه إسلام يؤمن بالإرهاب، أما إسلامنا فيؤمن بالحق، والحرية، والعدالة، والكرامة، والجهاد، فهذا الإسلام هو مَنْ ناضل لأجله شهيد المحراب، لذا أنا أفتخر، بأنني مَنْ أخرجت أوراق الشموخ الكبرياء من حديقتنا، لأنني عندها لن أجيب سيدي مرتين، بل سأجيبه في كل مرة: لبيك يا حكيم، يا مَنْ جعلتَ صلاة الجمعة، خاتمة شعائرك الكريمة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك