المقالات

هل حقا تريد امريكا القضاء على داعش؟ 

1913 2019-02-28

علي الطويل


اصبح من الواضح والمشهور في سلوكيات السياسية الامريكية ، انها لاتظهر مواقفها الحقيقية وخططها الاستراتيجية في التعامل بلدان العالم ، ولعل المخفي من هذه المواقف هو الحقيقة وليس مانسمعه من على منابر السياسة الخارجية الامريكية ومتحدثيها ، او ناطقي البنتاكون والمنحدثين باسم الجيش الامريكي ، فهؤلاء يتحدثون بما يملى عليهم وفقا لما تتطلبه المصلحة الامريكية والظرف السياسي العام في العالم ، وبما ينسجم والحفاظ على تلك المصالح وعدم اظهار الجانب المتناقض في السياسة الامريكية بين المواقف المعلنة والاهداف المخفية ، وطبعا كل ذلك مدعوما بماكنة الاعلام الصهيونية العملاقة التي تسير جنبا الى جنب مع المواقف السياسية والخطط العسكرية الامريكية ، بل هي جانب رئيس في خطة تحقيق تلك الاهداف .
وماحدث ومايحدث في منطقتنا ومنذ عشرات السنين يقع كله ضمن هذا الاطار من المواقف الامريكية المتناقضة ، فالولايات المتحدة الامريكية في تعاملها مع قضايا الشرق الاسلامي ، لها هدف واضح ورئيسي وهو الحفاظ على امن اسرائيل ، لذلك لم تتوانى عن استخدام كل الاساليب الغير مشروعه لتحقيق هذا الهدف ، ومن ذلك خططها في تمزيق الحزام المحيط بهذه الدويلة اللقيطة ، فكان مشروع داعش الذي يتغير اسمه بتغير الخطط وحسب ظروف الزمان والمكان ، ومدعوما بالفكر التكفيري ، المنتج عربيا واموال الدول السائره في فلك امريكا ومشروعها التدميري في المنطقة ، فمره طالبان ومرة القاعدة واخرى داعش ، والمراقب لايحتاج الى ادله كبيرة ليكتشف ان هذا المشروع هو مشروع امريكي بامتياز ، وان هذه العصابات المتنقلة في بلداننا لتخريبها ماهي الا احد اذرع منظومة الامن الامريكية تضرب بها اينما تتطلب الحاجة لذلك، وقد اغدقت عليه الاموال واشكال الدعم اللوجستي والعسكري ، بصورة مباشرة او غير مباشرة ، وهذه اصبحت من المسلمات الواضحة والمعروفة ، فاستخدمت داعش تارة لتمزيق سوريا ، وتارة في العراق ، واخرى في اليمن ولم يسلم من ذلك حتى اؤلائك العربات في هذا القطار الامريكي .
واليوم وبعد الانتصارات الكبيرة التي حققتها دول الممانعة والمقاومة على هذا المشروع ، وفشل امريكا ومن سار في فلكها في تحقيق اهدافها ، كثر حديث المتحدثين الامريكيين عن الانتصار على داعش ، والاشارة الى الدور الرئيسي للولايات المتحدة في القضاء عليه ، ونسبة تلك الانتصارات التي تحققت الى الجيش الامريكي ، ولكن الحقيقة هي غير ذلك تمام ، فالانتصارات انما تحققت هو بفضل تلك التضحيات الكبيرة التي حققها ابناء هذه البدان التي داهمتها قطعان داعش المدعومة امريكيا خليجيا ، وتاتي الاعلانات الامريكية للقضاء على داعش كمن يشرع في حصاد لمحصول لم يزرعه هو، ومن الحقائق الواضحة ان المشروع الداعشي اصبحت له مهام اخرى في المشروع والخطة الامريكية القادمة ليس الا وسيظهر ذلك جليا في القادم من الايام ، والاخبار المتواترة في نقل تلك العصابات الاجرامية من سوريا الى العراق ، انما يقع ضمن هذا الاطار ، وضمن الخطة المستقبلية التي رسمتها امريكا واذنابها للمنطقة ، وما تتطلبه تلك الخطة من تكتيك مختلف ، فامريكا لاتريد القضاء على داعش وانما ستلبسه ثوبا اخر بعد نزع ثيابه القديمة ، وفي كل الاحوال والظروف فان ابناء هذه البلدان بعد ان خبروا هذه الخطط وحفظوها عن ظهر قلب ، فلن تنطلي عليهم تلك الدسائس ، بعدما اكتسبوا خبرات عسكرية وسياسية جراء مواجهتهم لذلك المشروع الذي كاد يعصف ببلدانهم ويلتهما ، لولا تلك التضحيات الكبرى والمواقف العملاقة للشعوب في التصدي له ، وهم الان اكثر قوة وعزيمة واكثر وعيا لما يحاك من دسائس ، وسوف لن تكون نتائجها باحسن حالا من سابقاتها

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك