المقالات

دعوات المصالحة بين الرواج و الطموح

1057 19:20:00 2008-01-23

( بقلم : مازن الياسري )

عملية المصالحة العراقية ، شهدت تذبذباً ملحوظ في مرحلة ما بعد مؤتمر (العشائر العراقية للمصالحة الوطنية) المنعقد في آب (أغسطس) من العام 2006 .. حيث إن طموح الشارع العراقي المنعقد على المصالحة ورؤيته الجادة للمشروع كبارقة أمل ، كانت في رجوع اضطرادي بسبب عدم تطور واقع المصالحة على الأرض ، ولعدم وضوح نتائجها الجلية .. وخاصة بتزايد بياني واضح لإعمال العنف في البلاد .. الوضع العراقي تعقد في الشهرين الأخيرين من العام 2006 .. ووصلت البلاد إلى شفير الهاوية .. وهنا في وقت كان اشد المتفائلين ينادي في المصالحة ، أصبح اقل المتشائمين يعتبر (المصالحة) حبر على ورق لن يعد له قيمة في الواقع العراقي .

في أواسط كانون الأول (ديسمبر) من العام 2006 ، ورغبة في الخروج من حلقة العنف الضيقة التي وضع بها العراق .. تم عقد مؤتمر (المصالحة الوطنية للقوى السياسية العراقية) .. في المرحلة التي سبقت عقد مؤتمر القوى السياسية المذكور لم تتوارد أي دعوات دولية أو من منظمات عالمية داعمة لعقد مؤتمر سياسي تصالحي ، بل إن زيارات وفد الهيئة العليا للحوار و المصالحة الوطنية التي جابت أربع عواصم عربية قبيل عقد المؤتمر المذكور بحثا عن الدعم والتأيد ورغبة في جمع اكبر قدر من الوجوه السياسية العراقية المعارضة لسياسة العراق الجديد رغبه في التحاور معهم نحو الخروج من الأزمة العراقية المستسرية وتحقيق المصالحة المنشودة . وفد الهيئة في جولاته لم يجد الدعم المرجح ، ولم يجد من الوفود التي التقى بها أي رؤية للمصالحة بشكل جاد .. بل واجه في بعض الأحيان الاتهام .

على العموم في ظل هذا الجو المحموم عقد مؤتمر القوى السياسية العراقية ، وشهد إقبالا كبيراً ونوعياً .. وحقق ايجابيات ملحوظة من ناحية الأطروحات والأفكار .. ومن ناحية تبلور إيمان سياسي عراقي جماعي بجدوى فكر المصالحة في الخروج من المأزق الجاري في البلاد .. بالتالي فأن المؤتمر لاقا نجاح اعلامياً وسياسياً كبير ، على عكس ما كان ينظر له .  نجاح المؤتمر ، وتزايد الدعم الشعبي وعودة الروح لنبض الشارع تجاه فكر المصالحة .. انسجم مع تقديم الكثير من الدعوات من دول إقليمية وأجنبية ومنظمات عالمية نحو عقد مؤتمرات أخرى تكميلية أو غير ذلك وكلها تصب في حقل المصالحة .

أي بمعنى آخر .. إن نجاح المؤتمر أغرى الآخرين بالخوض بتجربة مشابهه كما هو الحال في نظرية (الرواج) الاقتصادية التي تؤكد أن نجاح التجارة في أي سلعة ما سرعان ما يجعل السوق قاطبة نحوها .. إلى أن تصل السلعة لمرحلة تكسد بها مما يؤدي إلى فقدان رواجها وبالتالي بحث السوق عن سلعة أخرى .. هكذا أصبح حال (المصالحة) بعد مؤتمر القوى السياسية العراقية .. فقد بدئت الدعوات تتواتر من اجل عقد مؤتمرات واجتماعات وبكم كبير ، ومن البديهي معرفة إن بعض الجهات المعادية للمصالحة أو العملية السياسية العراقية الجديدة طالبت بدورها أو بمسميات أخرى بعقد مؤتمرات للمصالحة قد يكون العرض منها الإساءة للمشروع لا دفعه .. فبشكل أو بأخر من تجاوز فكر المصالحة للسعي ورائه .. وهذا مما حدا بالحكومة العراقية التصريح بعدم تقبلها أي مؤتمر أو دعوة للمصالحة ما لم تمر من خلال قنواتها الحكومية الرسمية .

مرحلة العام 2007 الذي عرف ﺒ (عام الأمن) بما شهده العام من تطورات أمنية ملحوظة على الساحة العراقية .. حققت تطور متوازي على المجال السياسي ، بالتالي ومع تواتر الايجابيات الأمنية تواترت الدعوات التصالحية .. وكان لنجاح مشاريع (الصحوات) في إيصال الأمن و القانون لمناطق لم تنعم بالسكينة مدة طويلة ، كل هذا وذاك أعاد الحديث عن ضرورات تفعيل المصالحة ، ولكن هذه المرة لم تكن الدعوات من باب (اعتبار المصالحة طريقاً للخلاص) كما كان قبل عام وإنما بأعتبارها (تدعيماً واستثماراً للنجاحات الأمنية و رغبة في المضي نحو شاطئ الأمان) .. وكالعادة تواترت مرة أخرى ووفقاً لما وصفته أعلاه بنظرية (الرواج) الدعوات نحو عقد ما هو رائج (مؤتمرات للمصالحة العراقية) ومن جهات عدة .. منها من تجاهل لفترة طويلة الحديث عن الوضع العراقي أو لم يساهم إلا سلبياً تجاه أزمة العراق ، ومن جهات أثبتت حسن النوايا منذ البدء.

الدعوات التي تطلق ألان ومنذ الشهر تقريباً أو أكثر من منظمات دولية للسلام ومنظمات إقليمية كالجامعة العربية ، ومن دول أجنبية كفرنسا ودول عربية ومجاورة .. لابد وان هذه الدعوات أو بعضها إن كنا متشائمين أو ممن يفترضون وجود الدسائس و المؤامرات !! تسعى لتقديم الايجابية والدعم للواقع العراقي .. إلا إننا لنسأل وبدون تحسس أو اتهام للأخر بالمؤامرة لماذا لا تعقد هذه المؤتمرات المخصصة للعراق على أرضه وفي مدنه وأمام شعبه ، لماذا لازال السعي إلى هجرة أو تجاهل العراق هاجساً محسوس .. إننا اليوم في أمس الحاجة لان نعيد لمدن العراق الزهو والأمان و الشعور بالكمال و الاستقرار .. فمن الواجب إذن أن ننمي عقد مثل هذه الأفكار و الملتقيات داخل الأرض العراقية ، بل وان يجلس الخصماء أو الأصدقاء على الطاولة في داخل العراق .. لا على طاولات إقليمية أو دولية تفرض على اللاعبين إتباع أجندتها قبل بدء اللعب على طاولتها .

إن العراق اليوم وبكل مدنه بأمس الحاجة إلى النشاط وعودة الحياة السياسية .. فكم نرى ابتسامات الثغور وهي تتحدث بفرح عميق عن عودة السوق (الفلاني) أو إعادة الأمن للمنطقة (الفلانية) .. فلم لا نعيد سماع انعقاد مؤتمر (فلان) في بغداد أو أي محافظة عراقية أخرى .. لندفع بالبلاد نحو الأمام أكثر .. فبالعمل تستمر الحياة لا بغيره ...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك