بقلم : سامي جواد كاظم
مسالة معاداة الفقه الامامي الاثني عشري ليست بالجديدة ، فانها كانت متواجدة في وسط الامة الاسلامية منذ ابتداء البعثة وتحديدا مع اسلام علي بن ابي طالب (ع) ، وحديث الدار الذي اعلن فيه رسول الله (ص) وصاية وخلافة علي (ع) من بعده ( وانذر عشيرتك الاقربين ) ومن هذه الحادثة بدات الفكرة المعادية للامامية تنمو حسب الظروف التي هي عليها فكانت في اوجها هي رزية الخميس كما سماها ابن عباس وهي الليلة التي اراد فيها رسول الله (ص) ان يوصي فقيل انه يهجر حسبنا كتاب الله ، وكأن رسول الله (ص) اراد ان يكتب خلاف كتاب الله ويتحدى الله عز وجل بالرغم من تبليغه قوله تعالى ( َلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ [الحاقة : 44]ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ [الحاقة : 46] ) وهذه اكبر واقوى شبهة دخلت على الدين الاسلامي والشبهة هي لكونها تشبه الحق سميت شبهة فمن يرفض التمسك بكتاب الله ؟!! وكان ثمن وطاة هذه الشبهة هو الاكاذيب والاقاويل التي نسبت الى الامامية الى يومنا هذا .
ومع وجود الامام المعصوم كانت عملية التصدي للشبهات منوطة بهم ونعم المتصدي عندما يكون معصوم ومسدد من قبل الله عز و جل ، وحتى في زمن الغيبة الصغرى فكانت عملية التصدي من قبل الامام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف في قوتها وصلابتها كما كانت زمن الائمة الذين سبقوه .
واليوم في عصر الغيبة من البديهي ان يتصدى لهذه الشبهات هم من الفقهاء والعلماء والمراجع وكل حسب دوره وعصره . ومصدر الشبهات اليوم التي تنسب الى الامامية هو الفكر الوهابي قبل الفكر الصهيومسيحي المتطرف ولا اخص المعتدل فهنالك الكثير من المعتدلين والمنصفين من غير ملة الاسلام . واغلب الشبهات هي نفسها القديمة مع تغير ديباجتها او دس الاكاذيب في الفقه الامامي من خلال تفسير الاحاديث الامامية طبقا لهواهم ومن ثم التاويل والرد عليها باسلوب هش وساذج وحاقد .
ولغرض الوقوف على كل شاردة وواردة تخص المذهب الجعفري فقد كانت مسؤولية المرجعية العليا في النجف الاشرف جسيمة وثقيلة الا انها خفيفة قياسا الى ما يتمتع به علمائنا في النجف من ادراك ومفهومية وعلمية لواقع حال الشبهات ومروجيها .
فالمرحعية الرشيدة سواء التي كانت في النجف او سامراء او كربلاء او الحلة او الكاظمية وعلى مر السنين كان لها الدور الحكيم و البارز في معالجة الامور ومواجهة التيارات الجارفة بأشكالها القوية ضد عقيدة وفكر آل البيت . بشكل هاديء وواقعية حكيمة تظهر عقيدة اهل البيت بالمنظر اللامع امام المعتقدات الاخرى . واسلوب السيد السيستاني في الرد على الشبهات اتخذ اسلوب حضاري علمي دقيق هو الاول في العالم من خلال تاسيس مركز الابحاث العقائدية 1419 هـ وبتوكيل السيد جواد الشهرستاني للمتابعة والرد
. ولم يقتصر المركزفي الدفاع عن الشيعة ورد الشبهات الواردة بحقهم فقط وانما اعتمد في منهجيته واسلوبه الدفاع عن اهل السنة والخلفاء والصحابة اضافة الى ان المركز يقوم في الدفاع عن الدين الاسلامي امام الاعداء الذين يريدون تشويه صورته الصحيحة في مسألة القرآن والمعاد والنبوة والمسائل الاخرىكما انشا مكتبة متخصصة لتسهيل عملية البحث لدى الباحثين والدارسين فانها تحتوي على اكثر من (24 ) الف كتاب تم جمعها من جميع انحاء العالم من معارض الكتب في سورية ومصر ولبنان والكويت والمغرب ودول اخرى . وتعتبر هذه المكتبة خاصة بكتب العقائد فقط ، حيث تحتوي على الكتب النادر التي تختص بالشبهات الموجه ضد الشيعة
فقد ذكر السيد جواد الشهرستاني هذا العمل بالقول (يوجد في داخل المكتبة ثلاث لجان الاولى تهتم بجمع واستخراج الشبهات من الكتب القديمة والحديثة ، والمقالات واشرطة التسجيل ومحاضرات الخطب التي كتبها الخصوم ضد مذهب آل البيت ثم ترتب هذه الشبهات حسب مواضيعها ليتم بعدها توحيدها وتنظيمها ودراسة منشأها وسيرها الزمني مع ذكر مصادر كل شبهه ، لدى المكتبة كتب محمد عبد الوهاب وابن تيمية جميعها . كما تحوي المكتبة على الكثير من الكتب الوهابية و من المخطوطات التي قامت ادارة المكتبة بتصويرها . اما اللجنة الثانية فهي تبادر بتنظيم هذه الشبهات ثم اختيار الشبهة الاكثر اهمية للرد عليها فتستخرج هذه اللجنة ماكتبه علماء الشيعة القدماء مقابل هذه الشبهات مع توحيد الادلة الفكرية والعقلية . ثم تقوم بمعالجة الشبهات المطروحة رداً موضوعيا مع ذكر مصادر الشبهه . لقد قامت اللجنة بتقديم البحث حول حديث الثقلين بحثا علميا فأخرجت موسوعة تتألف من خمسة مجلدات . اما اللجنة الثالثة فتقوم بتوجيه دعوة للكتاب والباحثين للمساهمة والرد حول الشبهه المختارة والمطروحة ثم نزود الراغبين بملف كامل يحوي نسخ مصورة عن اصل الشبه ومارد عليه علماءنا قديما واهم ما توصل اليه من ردود حديثة ونطلب من المساهم في الرد ان يكون الرد وفق اسلوب موضوعي وعلمي يفهمه العامة من المثقفين ). انتهى
واليوم وبعد الجهد الحثيث تم جمع سبعة الاف شبهة خصص لكل شبهة بطاقة ولكون الاغلب مكرر ولكن بصيغ مختلفة فقد اختزلت الى ( 600 ) بطاقة أي اصبح المجموع (600 ) شبهة وقد تم طبع هذه الشبهات في موسوعة سميت (الرأي الآخر ) في (12 ) مجلد تم طبع عشرة دورات منها و سٌلمت واحدة الى السيد آية الله العظمى علي السيستاني ، وهذه تحوي على نص الشبهة وعلى المصادر الرئيسية لها . هذه الموسوعة ليست للتوزيع او البيع لانها تحوي على نص الشبهة فقط من دون احتواء الرد والجواب .
ولقد تم الرد على (415 ) من اصل الستمائة تهمة وهناك مجموعة على قيد الطبع واخرى قيد التأليف .ومن جانب اخر يهتم المركز ومن خلال تاكيد السيد السيستاني على الاخوة المستبصرين وعن سبب استبصارهم واعتناقهم مذهب اهل البيت (ع) مع التاكيد على الحصول على اجابة من السادة المستبصرين بخط اليد ، لتكون مخطوطة يدوية غير قابلة للتحريف ، ويذكر ان هنالك اكثر من 4000 شخصية مستبصرة من شتى انحاء العالم .
بقلم : سامي جواد كاظم
https://telegram.me/buratha