المقالات

العراق على خطى Atatürk..! 

1998 2019-02-15

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com

 

لا تقف العلمانية موقفا حياديا من الدين قط، وهي أيضا لا تعني؛ فصل الدين عن السياسة كما هو رائج، بل أنها تعني الضد لكل ما هو ديني.

مارست العلمانية ذلك على الصعيدين النظري والعملي، وتعج كتابات وممارسات العلمانيين؛ بالإزدراء لكل ما هو ديني.

كمال أتاتورك؛ باني تركيا الحديثة كما يُطلق عليه في بلاده، وهو الضابط الذي تسلم زمام الأمور، بعد إستسلام تركيا للغرب في الحرب العالمية الأولى، وزوال الدولة العثمانية من خارطة الوجود، قام بسلسلة من التصرفات التي تعادي كل ما هو ديني.

في البدء؛ استعان بالرموز الدينية، وعلماء الدين في حشد الناس للقتال معه، وانهالت عليه برقيات التهاني من البلدان الإسلامية، وتنبه إليه الغرب وكتب عنه الإعلام هناك؛ ما زاده شهرة وتأثيرا..أتاتورك كان من تلامذة الغرب العلماني النجباء، وكان من أعضاء جمعية الأتحاد والترقي التركية العلمانية، التي حضيت برعاية غربية ماسونية، ونجحت الجمعية في أهدافها، وألغت الخلافة العثمانية، وعزلت السلطان عبد الحميد من منصبه؛ وأعلنت الجمهورية التركية عام 1923برئاسة أتاتورك.

أدار أتاتورك ورهطه ظهورهم للرموز الدينية، وبعد إعلان الجمهورية في تركيا، روج أن الإسلام سبب إنحطاط تركيا، وليس الحكام العثمانيين الفاسدين، وفي عام 1925 منع رفع الأذان في المساجد، وأغلق مسجد أيا صوفيا، الذي يعد رمزًا لفتح القسطنطينية على يد السلطان محمد الفاتح، ثم أعلن أتاتورك تركيا دولةعلمانية، غربية الطابع والقوانين والهوى.

في نفس العام؛ قررت الحكومة التركية الجديدة بزعامته، تحويل القرآن الكريم إلى اللغة التركية، وقراءته بها بدلًا من العربي، ثم أمر بإلغاء إستخدام الحروف العربية في كتابة اللغة التركية، والقرآن أيضا!

ثم أغلق أعدادا كبيرة من المساجد، وغير من إستخداماتها العبادية، الى أستخدامات أخرى، في معظمها كان يقصد تحقير الدين أولا، ثم محوه ثانيا، فقد حول بعضها الى مخازن للبضاعة، ومواخير للدعارة والرذيلة، وحانات خمور.

ما لبث أن منع الحجاب قسرا، وأجبر الفتيات على لبس الملابس الغربية، ثم ألغى الإحتفال بعيدي الفطر والأضحى، وقيد الحج الى البيت الحرام بشكل يشبه المنع، كما غير عطلة الأسبوع من الجمعة الى الأحد.

على الصعيد الشخصي؛ قام أتاتورك الذي كان من أصول متواضعة، حيث كان والده يعمل حارسا في الجمرك، ووالدته "زبيدة هانم" هي بنت لعائلة ريفية، بشطب الجزء الأول من أسمه (مصطفى كمال علي رضاء ) وحوله الى (كمال أَتَاتُوركُ ) وتعني:أَبُ الأَتْرَاكِ، وأخيرا أوصى أن لا يُصلى عليه بعد موته..!

مفهوم العلمانية في تركيا، لا يحيد دور الدين أو يفصله عن الدولة كما هو في الغرب، لكنه يمضي أبعد من ذلك؛ بترويض الناس على مفهوم أن الدين ممارسة سلبية، لا يجب أن تمتد آثارها في الحياة العامة.

كلام قبل السلام: هنا في العراق، تجري عملية خبيثة لعلمنة الدولة، تحت عنوان التجديد والحداثة والتحديث، أنغمست في هذه العملية أطراف عديدة، بعضها تنفذ أجندات خارجية، وأخرى جاءت من قاع المجتمع، وبعضها جهات سياسية نافذة، مشاركة بالعملية السياسية بعناوين إسلامية، بل أن بعضهم قوى سياسية شيعية، لطالما صدعت رؤوسنا؛ باحاديث عن القيم والمباديء الإسلامية، لكن أحاديثها لم تكن سوى وسيلة لإرتقاء آهاب السلطة، بالطريقة التي أرتقاها أتاتورك!

سلام...

 

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك