( بقلم : حامد جعفر )
قادتني قدماي في يوم من هذه الايام التي انجلى فيها الحكم العفلقي وظهر مارد الامل من مصباحه ليعيد من جديد الحياة لقلوب كادت ان تموت ياسا وكمدا الى منزل احد الضباط العراقيين الشرفاء الذين لم يرض عنهم الحكم العفلقي, فاحالهم الى هيئة تسمى جمعية المحاربين ليكونوا كالمتقاعدين من جهة يستلمون راتبا اقل بكثير من راتبهم العسكري وفي الوقت نفسه لم يحالوا على التقاعد بل هم مجبرون على الحضور الى هذه الجمعية لان الحكم الظالم قد يحتاج الى خدماتهم وهم طبعا من الكفاءات , فربما يكون هنا او هناك حريق يشعله العفالقة, وما اكثر حرائقهم, ليكون هؤلاء وقودا لمثل هذه النيران.
ادهشني اني وجدت هذا العسكري العراقي الشجاع يعيش في فقر مدقع وقد غرق في الديون حتى اذنيه لينفق على عائلته , فله بنات قد تقدمن في مراحل الدراسة وبحاجة الى الاشتراك في وسائط نقل تقلهن الى جامعاتهن وثانوياتهن حفاظا عليهن في وضعنا الحالي , وهذا يحتاج الى انفاق كبير . والدروس الخصوصية اصبحت اليوم لابد منها لان التدريس اصبح ضعيفا ولكي تضمن مستقبل الابناء لابد من الدرس الخصوصي المكلف جدا , اذ اصبحت المدارس كالمستشفيات الحكومية والدروس الخصوصية كالمستشفيات الاهلية حيث افضل الاطباء والعلاج.. !! ولضيق الحياة وضنك العيش وكثرة الديون التي كادت تخنقه اضطر هذا الفارس النبيل الى ان يبيع حديقة داره ويكتفي بالقسم الصغير المبني ليحشر عائلته فيه ... ولكن ذلك لم يف بالغرض فاربع سنوات من انتظار راتب التقاعد واسرة كبيرة كاسرته مع الديون كفيلة بصرف اضعاف مبلغ البيع.
تفرست في وجه هذا الضابط الذي اتعبته الايام على ضوء شموع تكاد تنطفيء, اذ ليس لديهم نفط ولاكهرباء لان ذلك يكلف كثيرا . فلكي يحصل على خط كهرباء غير حكومي عليه ان يدفع ثلث مبلغ المساعدة التي تمنح له بشكل غير منتظم. شكت لي عيناه قبل لسانه وشفتيه ورايته حائرا يضرب اخماسا باسداس, خصوصا وان احد ابنائه قد تخرج ولم يجد عملا في اي مكان تقدم اليه .. رغم ان الامل يراوده بوعود مسؤولينا الكبار باحالته على التقاعد وقال لي مؤكدا ان رئيس الوزراء اعلن عن ذلك ولكن متى وقد بلغ السيل الزبى ياحكامنا الكرام .
ياحكامنا الكرام , نحن كنا ولم نزل معكم في حربكم على عصابات العفالقة القتلة وذيولهم من الوهابيين المسعورين , ونعذركم في تلكؤات كثيرة لضراوة هذه الحرب و ما خلفه العفالقة من خراب اقتصادي واجتماعي . ولكننا اليوم نمتلك ميزانية فاقت الخمسين مليارا, ومن العار في مثل هذه الحال ان يتضور الاشراف في مجتمعنا جوعا ومتربة ونحن ننام على اكداس كالجبال الشماء من المال نمنحه لمن لايستحق او نفطا نهبه لدول تذبحنا كل يوم.
انقذوا اهلكم .. احيلوا هذه الشريحة من الضباط على التقاعد ليأخذوا حقهم وينجدوا اسرهم بدلا من هذه المساعدات التي لاتسمن ولاتغني من جوع التي تصرفونها كل ثلاثة اشهر او يزيد وبشكل غير منتظم. العراقي يجب ان يرفع رأسه بعد ان اذله صدام ويكون عزيزا وينعم بما افاء الله عليه من ثروة كبيرة وحكم ديمقراطي ونحن نقول كما قال ابو القاسم الشابي ولابد لليل ان ينجلي .... ولابد للقيد ان ينكسر
حامد جعفرصوت الحرية
https://telegram.me/buratha