بقلم : سامي جواد كاظم
القاعدة في كتابة موضع كثر الخلاف حوله هو الالمام بكل ادلة الطرفين في المسالة الخلافية واذا كان كاتب المقال يعود لاحد الطرفين فما عليه الا دراسة ادعاءات الطرف الاخر وبدقة واخذ ما هو الموثق والمعتمد لدى فقهاء وعلماء الطرف الاخر حتى يكون الرد سليم وقابل للنقاش .
اما ان ياتي كاتب مقال ينتمي لاحد طرفي الخلاف في نقد ما يعتقده هو انه منسوب الى الطرف الاخر من خلال تدليس وتاويل وتزيف الحقائق طبقا لهواه يكون المقال خالي من المنهجية والاسلوب العلمي في الرد ، وهذه حقيقة يفطن لها كاتب المقال وذلك عندما يطعم مقاله ببعض الشعارات والاحاديث التي تدعو الى نبذ الفرقة والتطرف فعندها يتوهم الواهمون ان كاتب المقال معتدل وانه ما قصد الا لم الشمل . ولو تمعنا بين ثنايا السطور وفي احشاء الكلمات لوجدناها تنضح سم وتطعن الحقائق في التاريخ .
كتب كاتب سعودي يدعى خالد الغنيمي مقال في احدى الصحف السعودية تحت عنوان (أهل السنة ليسوا بني أمية ) ، ومن خلال قراءة المقال فانه استثنى علماء وباحثي الشيعة من رده على اعتبارهم وحسبه هو ان هذه الشريحة تعلم ان اهل السنة ليسوا بني امية . وهذا يعني ان غالبية الشيعة العوام والمتوسطي المدارك هم يدعون ان اهل السنة هم بني امية وجاء هذا المقال متزامنا مع ذكرى عاشوراء وحسب ادعائه ان الشيعة تتهم السنة بقتل ابن بنت رسول الله (ص) .
ولا اعلم من اين له هذا الاعتقاد هذا اولا فلو اطلع حقيقة على اقل تقدير الى كتاب الزيارة العاشورائية فانه سيجد ان في الزيارة لعن لبني امية ولم يذكر اهل السنة وهذه الزيارة هي في متناول يد كل من يحب الحسين من الشيعة فمن اين له كاتب المقال بان الشيعة تتهم السنة بانهم بني امية ؟ وان كان يستحق رد اوسع واشمل الا اننا نرد في حدود الحيز الممكن الكتابة فيه ضمن المقال .
الامر الثاني هو ما دس من كلمات واحاديث من خلال سرد بعض الحقائق كما يدعي هو ومن هذه المدسوسات يقول الكاتب السعودي (، ففي الجامع الصحيح للبخاري من حديث ابن أبي نعم قال: كنت عند ابن عمر فسأله رجل عن دم البعوض، فقال: ممن أنت؟ فقال: من أهل العراق. قال: انظر هذا يسألني عن دم البعوض وقد قتلوا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هما ريحانتاي من الدنيا. كما أنه جاء من عدة أسانيد أنه أخذ بيد الحسن والحسين رضي الله عنهما وقال: هذان ابناي، فمن أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني ) .
وارد عليه كما قال في عنوان مقاله ان بني امية ليسوا هم اهل السنة لان بني امية هم الذين قتلوا الحسين (ع) والسؤال هنا اين اهل العراق من بني امية ؟! الابعلم جناب الكاتب ان بني امية متقوقعين في الشام وتحديدا دمشق الان وسابقا ( جلق ) ، اذن من غلس هوية بني امية ؟! واما الشطر الثاني من الحديث وهو قول رسول الله (ص) هما ريحانتاي ... وما الى ذلك فهذا صحيح وياليتنا رايناهم عملوا بهذا الحديث .
تدليس اخر وهو الاخطر يقول الكاتب (وفي أحد أهم كتب السير السنية، كتاب (سير أعلام النبلاء) للمؤرخ الموسوعي شمس الدين الذهبي: إن الحسين لم يعجبه ما عمل أخوه الحسن من تسليم الخلافة إلى معاوية، بل كان رأيه القتال، ولكنه كظم، وأطاع أخاه وبايع، وكان يقبل جوائز معاوية، ومعاوية يرى له ويحترمه ويجلّه، فلما أن فعل معاوية ما فعل بعد وفاة السيد الحسن من العهد بالخلافة إلى ولده يزيد، تألم الحسين وحق له، وامتنع هو وابن أبي بكر وابن الزبير من المبايعة، حتى قهرهم معاوية وأخذ بيعتهم مكرهين، وغلبوا وعجزوا عن سلطان الوقت، فلما مات معاوية، تسلم الخلافة يزيد، وبايعه أكثر الناس، ولم يبايع له ابن الزبير ولا الحسين وأنفا من ذلك ورام كل واحد منهما الأمر لنفسه وسارا في الليل من المدينة. هذا النص منقول بحروفه من سير أعلام النبلاء (مجلد 3 صفحة 292) .
واجيب بالعقل لا بالتاريخ في تفنيد مزاعم الكاتب ومصدره ، فلو كان الامام الحسين (ع) لايعجبه الصلح فلماذا لم يقاتل بعد استشهاد وليس وفاة الحسن عليه السلام بالسم من قبل زوجته المدفوعة من قبل معاوية على ان يزوجها ابنه يزيد اذا ما سمت الحسن وكان لمعاوية ما اراد ولم يكن لها ما ارادت وليس وفاة طبيعية ،حيث كانت سنة الاستشهاد 50 هـ بقي عشر سنوات لم يقاتل الامام الحسين عليه السلام معاوية وهو الامام المفترض الطاعة فكيف كان لا يعجبه الصلح واما انه كان كاره فهذا صحيح وحتى الامام الحسن عليه السلام هو كاره ولكن حقنا لدماء المسلمين قبل على مضض .
واذكر بطاعة الامام الحسين عليه السلام لاخيه الحسن عليه السلام عندما استشهد الحسن عليه السلام واريد له ان يدفن الى جنب قبر جده النبي محمد (ص) فرموا نعش الحسن (ع) بالسهام وخرجت عائشة ام المؤمنين تقول لا تدفنوا في بيتي من لا احب ( وعدم محبتها للحسن جاءت عكس الرواية في البخاري الذي تطرق اليها كاتب المقال في مقاله اعلاه ) فمنع دفن الحسن عليه السلام في المكان الذي اراد الحسين (ع) ان يدفنه فلماذا لم يصر ويقاتل ؟! ببساطة لانه يطيع كلام اخيه الحسن (ع) لانه الامام المفترض الطاعة فقد ضرب اروع المثل والصور التي تظهر حجم طاعة المعصوم .
واما زعمك بان معاوية اقهر الامام الحسين عليه السلام على البيعة وكان له ما اراد فهذا التزييف بعينه ، فلو كان القصد من البيعة لمعاوية فذكر اولا ان الحسين اجاب وبايع ، فما الضرورة لطلب البيعة ثانية بعد استشهاد الحسن (ع) ؟ الا يوحي هذا للتناقض ؟!! وكذلك الرد الاخر لو كان المقصود البيعة ليزيد وان الحسين (ع) بايع يزيد فالرد هو انه من مواثيق العرب ان المبايع لا ينكل بيعته الا اذا اتصف بالغدر فكيف به اذا كان امام معصوم مفترض الطاعة فهل يصح انه يبايع يزيد ومن ثم ينكل فهذا التدليس بعينه ، ولو كان الحسين قد بايع يزيد لذكرت ذلك كل كتب التاريخ واعطت الحق ليزيد في قتل الحسين باعتباره خرج عن بيعته فما بال كتب التاريخ لم تذكر ذلك الا مصدر الكاتب السعودي .
والامر الاخر من اين للمصدر ذكر عبارة ان الحسن (ع) كان يقبل جوائز معاوية ، هل هنالك اقبح من هذا التزييف للحقائق ، الم يطلع كاتب المصدر وكاتب المقال على شروط المصالحة والتي بموجبها ان لايطالب الطليق معاوية يالحقوق الشرعية التي تصل للحسن عليه السلام من خمس وزكاة لغرض توزيعها على فقراء المدينة ومكة مع منح مستحقات فقراء ارض نجد والحجاز من اموال بيت المال الاموي (المقصود به معاوية ) .
والتدليس الاخر هو ان الحسين (ع) كان يروم الامر له مزاحمة مع ابن الزبير ولا اعلم كيف يكون شكل المزاحمة والحسين (ع) يقول ما خرجت اشرا ولا بطرا ولكن خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي ، فالحسين ( ع ) بعيد كل البعد عن طلب منصب او خلافة ولو اراد ذلك لما خرج اصلا لانه عرض عليه المنصب والمال ولكنه رفض ذلك .واخر ما ذكر من راي فاسد هذا الكاتب هو (، فتحويل الحسين رضي الله عنه إلى رمز للثورة بحيث تشحن النفوس ضد بني أمية وكأن بني أمية ما زالوا يحكمون، هو أمر يحتاج إلى مراجعة ) .
لا اعلم هل هنالك مرتبة للجهل ادنى من المرتبة التي عليها هذا الكاتب وانه يعتقد ان الشيعة لا تعلم ان بني امية لا يحكمون اليوم ، فاعلم يا ايها الكاتب ان بني امية هم رمز لكل ظالم وعلى مختلف العصور فليس العبرة بالاسم ولكن العبرة بالفعل الاموي فكثير من الالفاظ استحدثت نتيجة افعال اشخاص معينة فعندما يقال فلان طاغوت هو فرعون العصر هل هذا يعني ان فرعون لا زال موجود ؟ فالموجود هو فعله القبيح وليس شخصه وهذا ينطبق على بني امية .
https://telegram.me/buratha