المقالات

إيران حيث يغسل التاريخ وجهه..!

1751 2019-01-31

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com

 

هل جربت قارئي الكريم، أن تجد نفسك في تخوم مدى الرؤية؟! هل تخيلت أن تكون في قفار لا متناهية، حيث يمتد البصر؛ الى نقطة يتلاشى فيها المدى بين طيات السراب؟! أظنك جربت ذلك مرات ومرات تخيلا، وفي كل تينك المرات؛ كنت مثلي ترنو ببصرك بعيدا.

أنا جربت ذلك؛ ليس الى حيث آخر نقطة، يمكن أن أراها بعيني المجردة، لكن الى ما هو أبعد، وليس الى نقطة بعينها، بل الى إتساع بمساحة الأفق كله، وكنت أطفو على الأرض، وأطير خلف الزمن بلاحدود! حيث تغيب صلات المرء وأحاسيسه، عن الأتصال بالمكان، وينتقل الى التواصل مع الزمان..

مرة من مرات الزمان؛ كنت ربما في يوم الجمعة؛ 15 من شعبان 329 هجرية، حيث بدأت محنة الأمة الأسلامية، بغياب إمامها وقائدها، غيبته الكبرى التي ما زلنا في زمنها الصعب.

قبلها وجدت نفسي زمن الغيبة الصغرى، منذ الثامن من ربيع الأول عام 260 هـ ، حيث وفاة الإمام العسكري(عليه السلام)، وإنتهاءا بوفاة السفير الرابع؛ أبي الحسن علي بن محمد ألسمري، في النصف من شعبان عام329هـ ، حيث كنا نعد إعدادا مقننا للدخول في أيام المحنة، وتقبل إشتراطاتها وظروفها.

على طول تلك المساحة الزمانية، كنت أقف في مكاني ذاهلا، مثلما وقف كل الإماميين، كان غيرنا يسيرون وفقا لأمزجتهم، بلا هاد يهديهم، وبلا بوصلة تحدد إتجاههم، فتاهوا الى يومنا هذا، وربما سيبقون في التيه الى آخر الزمان، الى حيث إنتهاء عصر الغيبة، في ذلك المكان كنت أقول أين أنا؟

قبل تسعة وثلاثين سنة، ربما في منتصف عام 1978 ميلادي؛ كانت الأرض حبلى بوليد جديد، قيض له أن يغير وجه التاريخ فيما بعد من أيام.

كان تنور ايران قد بدأ يفور، وكان قمع الشاه على أشده، وخيل لكثيرين أن القمع سينهي المسألة، إلا المقموعين؛ فإن رؤية أخرى كانت قد تمكنت من رؤوسهم، فقد كان فيهم سيد جليل من أهل بيت النبوة، يحمل كل مهابة التاريخ، يذكرهم بوعده تعالى وهو الحق: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ).

الإيرانيون لم يعبأوا بآلة القمع؛ ومع الأيام إشتد القمع السافاكي، ولكن قبالته كان عود الثورة قد أشتد، وفي أيام لاحقة، في نهايات عام 1978 ميلادي؛ وصل الطرفان القامع والمقموع، الى نقطة اللاعودة.

الشاه؛ ذهب بقدمه الى مزابل التاريخ ، يبحث له عن ملاذ أو قبر، ووجده في القاهرة لدى صديقه أنور السادات، الذي لاقى نفس مصيره بعد حين، على يد الذين قمعهم من إسلاميي مصر.

الشعب؛ قرأ عليه ذلك السيد الجليل، يوم 9شباط 1979، آية من الذكر الحكيم تقول: (وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأْرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ))!

كلام قبل السلام: في عشرة الفجر؛ أول شباط 1979، تسنى للتاريخ أن يغسل وجهه، ربما للمرة الأولى  منذ  يوم الجمعة، العاشر من شهر محرم من سنة 61 هجرية ، الموافق لـ 12 / 10 / 680 ميلادية..!

سلام

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك