( بقلم : المهندس محمد علي الاعرجي )
ما حصل في كربلاء عشية زيارة النصف من شعبان ذكرى ولادة الإمام المهدي (ع) ليس غريبا أو مفاجئا فهو امتداد لأفعال وأقوال سبقت ما حدث . لأن الأعداء لم يأتوا لهذه المنطقة حبا بأهلها أو طمعا بثرواتها ا كما يردد أو يصدق البعض، فهم أبادوا أهلها بعد إن سلطوا طغاة البعث لأكثر من ثلاثين عاما وامتصوا ثرواتها مجانا منذ التأميم الكاذب عام 1972 حتى الحصار الظالم والسيطرة على أموال العراق وجعلها نهبا للقاصي والداني وحرمان الشعب منها، حيث أظهرت التقارير الدولية ولجان التقصي عن أموال العراق فسادا واختلاسا لم يسبق له مثيلا في تاريخ العالم وظهرت أسماء لرؤساء ووزراء دول ومنظمات بما فيهم أميني عام الأمم المتحدة السابقين كوفي عنان وبطرس غالي كلهم متورطون في نهب أموال العراق.
وأمريكا وحدها كانت وراء كل ذلك منذ تمكينها البعثيين من السيطرة على الحكم في عام 1968 حتى سقوطهم المذل عام 2003، فهي لم تبخل عليهم بالدعم حتى اليوم عندما تضغط على الحكومة في إعادتهم إلى قيادة العراق وإلغاء قانون اجتثاث البعث بعد آن مكنت بعض وجوههم من اختراق الحكومة والبرلمان تحت عناوين التوافق والمصالحة والحوار .
وأثبتت الوقائع والأحداث أن الصداميين هم خير من ينفذ أجندة أمريكا في المنطقة، وشعاراتهم الكاذبة في الوحدة والحرية والاشتراكية لم تجد لها آذانا صاغية بل أصبحت نكتة سمجة يزدريها الناس، فالوحدة العربية أصبحت بعيدة المنال ومستحيلة كاستحالة دخول إبليس للجنة، نتيجة لحروب صدام وتهديده الدول العربية المجاورة واحتلالها كما حصل للكويت، أما الحرية فهي الأخرى لم تكن موجودة حتى في أدبيات البعث اللهم إلا ما يخص ممارسة عقيدة البعث بقمع الناس وجعلهم عبادا في محراب الوثن اللقيط .
وللاشتراكية عند البعث مسارا يختلف عن مثيلاتها لدى الآخرين فهي تعني مصادرة الثروات من الجميع وحصرها لدى فئة قليلة باغية أضاعت كل شيء والنتيجة النهائية لعراق البعث كانت بلد ممزق محتل تملأ أرضه المقابر الجماعية ويحوي أعلى نسبة من المفقودين والمعوقين فضلا عن الديون الخيالية التي يدين بها العراق لدول العالم المختلفة ومنها دول فقيرة متخلفة كالأرجنتين والسودان .
والآن وبعد سقوط الصنم وافتضاح أفعال وجرائم السلطة الغاشمة أمام العالم اجمع، كان العراقيون يأملون أن تنتهي هذه الصفحة السوداء من تاريخهم والى الأبد، إلا أن ذلك لم يحصل فقد عاد البعث برداء السلفية الوهابية وزيّ أئمة الجوامع وشعارات الجهاد والمقاومة ضد المحتل، وهكذا أوهموا البعض وانقاد إليهم الكثير من المغفلين وظهرت مجاميع وزمر اتخذت مسميات إسلامية وتاريخية لها صدى واسع مثل جيش محمد وكتائب ثورة العشرين وفيلق عمر وغيرها، أبلت بلاء منقطع النظير في ذبح الأبرياء واغتصاب النساء وتهجير أتباع أهل البيت من مناطقهم الساخنة كما يسمونها واستطاعت هذه الجماعات أن توظف أفراد ما يسمى بتنظيم القاعدة من العرب كمطايا لتحقيق مآرب دنيئة وانتهاك الحرمات باسم الجهاد والمقاومة مما أعطى صورة قاتمة للإسلام المحمدي لدى شعوب الأرض الأخرى وهذا هو الهدف الذي تسعى إليه تلك المجاميع ومن يقف وراءها ويدعما في السر والخفاء .
فقد أثبتت الأحداث والوقائع على الأرض العراقية ضلوع بعض الدول العربية كمملكة آل سعود والإمارات العربية ومصر والأردن وسوريا في دعم الإرهاب في العراق وكل حسب الأوامر التي تسيّر قادة تلك الدول، فعلى سبيل المثال لا الحصر كانت أحداث النجف الأخيرة المسماة بأحداث (الزركة) تشير إلى تورط دولة الإمارات العربية والسعودية عن طريق الدعم المالي والأمني من اجل إثارة فتنة كبيرة بمحافظة النجف تكون هي الشرارة التي تحرق العراق، إلا أن الله والخيرين وقفوا لها بالمرصاد وتم إخماد الفتنة حاليا، أما ما حصل في كربلاء خلال زيارة النصف من شعبان الأخيرة، فله دلالة واضحة على أن الجرم كان معد له مسبقا ويؤشر إلى اختراق امني خطير على صعيد الأجهزة الأمنية التي لا زال قسم منها يعد مرتعا خصبا لازلام صدام أو من الذين يمكن شراء ذممهم بالمال الحرام ... والا ما سر هذا التهاون مع تلك المجاميع الخارجة على القانون أو المرتدة عن الدين ولا ابالغ إذا قلت ذلك، إذ كيف نبرر أفعالهم الدنيئة التي وصلت لحد الحرق ونهب ممتلكات الناس والاعتداء على الصحن المقدس وترويع الزائرين ووقوع ضحايا أبرياء فقدوا حياتهم لا لذنب سوى أنهم جاءوا لزيارة الحسين جد إمامهم الغائب بمناسبة عظيمة ألا وهي ولادة الحجة الذي يعتبر أهم دعامة من دعامات عقيدتنا نحن أتباع أهل البيت، فمن يرى أفعال تلك الشرذمة المرتدة ويقارنها بما فعلته عصابات البعث والتكفيريين خلال أحداث عام 1991 بعد الانتفاضة الشعبانية، لا يجد فارقا بين الاثنين فهم من اصل واحد ويتبعون فكر معادي لمذهب أهل البيت وان غلبت على بعضهم أسماء وشعارات دينية توهم السذج والبسطاء من الشباب .
والمتابع للأحداث يجد وبسهولة دلائل على تورط بعض دول الخليج في تلك الأحداث وبمباركة من المحتل من اجل تسفيه الإيمان بعقيدة الإمام المهدي وهو أمر في غاية الخطورة يتطلب الانتباه وتوعية الناس لما يدور في دهاليز السياسة الغربية المسيّرة من قبل المتطرفين من الأديان الأخرى الذين لا يهنأ لهم بال إلا بعد أن يروا امة محمد (ص) ضعيفة خانعة منقادة في ضل أنظمة حكم جاهلة ديكتاتورية .. ولنا في أحداث سامراء المفجعة ومنطقة الزركة وزيارة عاشوراء الأخيرة، خير دليل على ما يريده الأعداء فالمهدي بات يؤرقهم وعلامات ظهوره (ع) ربما قربت، وهم مستعدون لها جيدا من حيث القوة والعدد ومن ناحية أخرى يحاولون تسفيه فكرة وجود الإمام، ساعدهم في ذلك مرتزقة الناس وجهالهم ممن اتخذوا من هذا الاسم غطاء مؤقت ... وقد نسي هؤلاء ومن جندهم أن مكر الله اكبر وساعتها لن تنفع الأساطيل ولا الصواريخ أن توقف زحف المطالب بثارات الحسين ومظلومية الزهراء .
https://telegram.me/buratha