المقالات

حوار الملل والنحل..!

1784 2019-01-13

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com

بحكم مهامي كإعلامي ومنخرط "متورط" بالحقل السياسي، ألتقي وبشكل يومي وربما في اليوم عدة مرات، مع ساسة عراقيين من مختلف الملل والنحل، مستعيرا أستخدام هذا التعبير، من عنوان كتاب  الشهير "الملل والنحل"..

حصيلة لهذه اللقاءات التي لا حصر لها، تكونت عندي فكرة، تحولت لاحقا الى قناعة نهائية، تختصر كثير من ما يجول في خواطركم، عن أحوال الساسة وتصرفاتهم وعلاقاتهم البينية، وكيف يبنون مواقفهم ويتخذون قراراتهم..

معظم من ألتقي من الساسة، يتميزون بأناقة مفرطة، فهم يرتدون أفخر البدلات، ويحتذون أفضل الأحذية، ويرشون على أنفسهم عطورا من ماركات راقية، وإن بدوا قد إستعاروا تلك الأناقة حديثا، لكن الحق يقال؛ أنهم يتحلون بدماثة الأخلاق معي على الأقل! فمعظمهم يختار كلماته بعناية، لأنهم يعرفون أن مهمتي الرئيسية، هي تلقف ما يأفكون!

المحصلة التي خرجت بها بعد ستة عشر عاما، من العمل السياسي العلني، وقبلها بقدرها من العمل السياسي السري، أن معظمهم يعاني من إزدواجية الشخصية والرأي، فهم يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يقولون، ولا يخجلون من ذلك، ولا يعدونه عيبا، بل هو عندهم؛ من متطلبات العمل السياسي وأول ابجدياته..وهذا ديدنهم على الأعم الأغلب..

في أغلب أحاديثهم الإعلامية أو مع بعضهم بعض، يكتسب ذكر الضرورات القصوى؛ للتعاضد والتآزر بعدا رومانسيا أخاذا, فتحسب أنهم جميعا عشاق لهذا الوطن، بل وعبيد وخدم لشعبه.

معظمهم يتحدث بعبارات، تبدو وكأنها مطبوعة على آلة كاتبة، أكاد أسمع صوت ضربات حروفها، وهم يتحدثون عن ضرورات الحوار، وأن لا سبيل لحل المشكلات إلا بالحوار، وانه الطريق الأوحد، لبناء مواقف مشتركة تخدم العراق والعراقيين.

لكن ومع كل هذا وذلك، فلا وجود لأي حوار على ارض الواقع، فما أن يتم الإعلان عن حوار حتى يتم تأجيله، لان هناك شروطاً لبدءه، تستدعي شروطاً مضادة..وهكذا دواليك!

الحقيقة أنه يمكن تفسير هذا الواقع الغريب، بوجود أجندتين للحوار؛ الأولى وهي الأكثر أثرا وتأثيرا، أجندة خاصة مضمرة تقوم على التفرد والذاتية، وغالبا ما تبنى على مال مدفوع، أو إرتباط مشبوه، بأجندة خارجية، أو أمراض طائفية، سواء كانت طائفية سياسية أو مكوناتية.

ألأجندة الخاصة، لا يطرحونها بالتأكيد على طاولة الحوار! لذلك يصعب على الآخر التعرف عليها، و بما أن لكل الأطراف أجنداتهم الخاصة، فان الحوار يصبح حوار الطرشان.

الثانية تمثل الأجندة العامة المعلنة، ولان الأجندة العامة ليست صادقة ولا حقيقية، فأنها تركز على العموميات؛ والغموض بالمواقف والتصرفات، وذلك يمكن المتحاورين؛ من التهرب من نتائج الحوار، إذا لم تكن تخدم أجنداتهم الخاصة، أو الأجندات المدفوعة الثمن.

بسبب أن أصحاب الأجندات الخارجية الذين يسيرونهم، يريدون أن يبقى العراق في أزمة دائمة، فهم يفتعلون دائما الأزمات، حتى تحول العمل السياسي لديهم، الى مجرد إثارة أزمات كهدف دائم، وكنتيجة عرضية لهذا الحال، نرى أنهم لا يرون إلا أنفسهم، وبعدسة محدبة تكبر ذواتهم..

العلاقات بين الأطراف السياسية العراقية، لا تعرف أن تقديم تنازلات متبادلة، من بين وسائل العمل السياسي!

كلام قبل السلام: كل طرف، يخاف إن هو بادر الى تقديم أي تنازلات، أن لا يقابله الطرف الآخر بتقديم تنازلات متساوية أو مقابلة، ولذلك يلجأ اصحاب الأجندات الخاصة المشبوهة الى لغة التخوين، التي غالبا ما ترد عليهم!

سلام..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك