المقالات

لماذا يسعى الفيليون لتدويل قضيتهم؟!


طيب العراقي

 

مضى على نشوء المشكلة الفيلية في العراق، وتحولها الى قضية مستعصية الحل، قرابة قرن من الزمان، يمتد من عام 1920 حيث تشكلت الدولة العراقية الحديثة الى اليوم، وما زالت هذه القضية تتفاعل وتتفاقم بإرتدادات لا يعرف مداها.

تعود جذور المشكلة الفيلية، الى الصراع بين الدولة العثمانية والدولة الفارسية؛ على مناطق الحدود بين الدولتين، وكان الفيلييون ضحية هذا الصراع، لسبب بسيط هو أن الصراع؛ كان يدور حول وفي أراضيهم!

لم تكن قصة الأوراق الثبوتية (الجنسية) مهمة لدى أبناء القبائل عموما، والفيليين منهم خصوصا، فعقلية الناس آنذاك مع الإنتماء الى القبيلة وليس الى الدولة، وحينما وقعت الحرب العالمية الثانية؛ وتورطت بها الدولة العثمانية المريضة، في القوقاس وتخوم الدولة العثمانية، أعلن كثير من أبناء العشائر الفيلية رفضهم الإشتراك بها، وذلك لعدم إيمانهم بدعم دولة محتلة لأرضهم، ولذلك رفضوا إعتبارهم "رعايا" عثمانيين، تخلصا من التجنيد الأجباري وسوق رجالهم الى محاتف الموت، في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.

حينما تشكلت الدولة العراقية الحديثة عام 1920، على أنقاض جزء كانت تحتله الدولة العثمانية، كان الأساس في تحديد مواطنة رعايا الدولة الجديدة هو الجنسية العثمانية، في سابقة لم تحدث في أي مكان آخر من العالم، بإعتماد جنسية بلد الإحتلال لأبناء البلد المحتل.

لكنها العقلية الطائفية؛ التي كشرت عن أنيابها في الدولة العراقية الحديثة، وهكذا كانت بداية معاناة الفيليين، المنتمين لطائفة هي غير طائفة الحكام الجدد(العائلة المالكة)، الذين أستوردهم المحتل الجديد (الأنكليزي) من خارج العراق، فالفيليين ولأعتزازهم بمواطنتهم الذاتية، لا سيما وأن إمارتهم إي أمارة  بشتكوه؛ التي امتدت سلطتها على أراضيهم لثمانية قرون لغاية عام 1929، كانت عنوانهم الوطني، لذلك كانوا رافضين للجنسية العثمانية، وليس إنتماءا للدولة الإيرانية، كما يروج لذلك الطائفيين القومجية الذين حكموا العراق عام 1920..

إذاَ أساس القضية الفيلية متعلق بمشكلة دولية، ونشأت المظلومية الفيلية من هذه النقطة بالذات، ولذلك فإن تدويل القضية الفيلية هو الطريق الأمثل لحلها، فالمشكلات تحل بمفاتيحها، ومفاتيح حل القضية الفيلية ليست بيد النظام العراقي القائم، الذي ورث النظام الصدامي رسميا، وورث معه قوانينه ومعاهداته وإتفاقياته، التي أجحفت كثيرا بحق الفيليين، وأدت الى محنتهم الكبرى التي حدثت في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، على يد النظام الصدامي الظالم.

يعزز قكرة ذهاب الفيليين الى المؤسسات الدولية؛ للبحث عن حل لقضيتهم، أن النظام القائم ورغم مرور سنة عشر عاما على زوال نظام الإجرام الصدامي، لم يخرج من عقلية علاقة مهينة بين الوطن والمواطن، وهي إعتبار العراقيين "رعايا"، ولم يدخل بعد في العلاقة الراقية المفترضة بين الوطن والمواطن، وهي عقلية "المواطنة".

النظام القائم لم يخرج لحد الآن من دائرة "النوايا" الطيبة فقط، ولم نشهد تنفيذا على أرض الواقع لما يصرح به الساسة، من ضرورة إنصاف الفيليين، وهو يسارع دوما لإسترضاء شرائح عراقية مختلفة، تعرضت لمستويات أقل بكثير من ما تعرض له الفيليين من ظلم، والدولة تكيل بمكيالين في هذا الصدد، فهي تسارع لإعمار المدن التي خربتها العمليات العسكرية مع الدواعش، وتنصف سكانها بتعويضات مجزية، لكن مدن الفيليين التي ما زالت الغربان تعيش في خرئبها التي دمرها صدام، لم تبن فيها طابوقة واحدة قط، وما زال جميع أبناء الفيليين الذين تعرضوا للتشريد بالمنافي وفي ظروف بالغة الصعوبة، دون أي نوع من أنواع التعويض، فيما تغدق الحكومة العراقية بتعويضات سخية على آخرين، تعرضوا ايضا لظلم صدام، ولكن بدرجة لا تصل الى عشر معشار ما تعرض له الفيليين، ولدينا بمحتجزي رفحاء خير مثال.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك