المقالات

نحو مركز للدراسات والبحوث الفيلية..!


طيب العراقي

 

من نافلة القول؛ أن المشكلات الكبرى التي تواجهها الأمم، تحتاج الى حلول كبرى بحجمها، بل يتعين أن تكون تلك الحلول متخطية تلك المشكلات، وتؤسس لواقع جديد مغاير؛ لواقع المشكلات ومتجاوز له وبكل المقاييس، والأمثلة الأنسانية حاضرة دوما، لتعزيز هذا الرأي المتوازن.

الحلول الكبرى لا يمكن وضعها قيد التنفيذ، ما لم يقم بتصميمها أناس؛ على مستوى متقدم من الوعي بحجم المشكلات، وبمدى تجذرها وآفاق حلولها، ويتعين أيضا أن يكون هؤلاء؛ قد عاشوا المشكلات بتفاصيلها، ولا يكفي أن يكونوا قد "عايشوها"، أو أنهم غرباء عن بيئتها ولكنهم "مهتمين" بها، فالأهتمام والمعايشة شيء، وأن تكون في عمق المشكلة شيء آخر.

القضية الفيلية لا يمكن أختصارها فقط؛ بالمظلومية التي تعرض لها الفيليون، على يد نظام الطغيان الدموي الطائفي، فالمظلومية وإن كان حجمها كبير جدا، إلا أنها جزء يسير فقط؛ من تعقيدات القضية الفيلية، التي تشمل مستويات متعددة ومتنوعة من التفصيلات، التي تحتاج الى معالجات تخصصية، لا تتوفر إلا لدى المتخصصين بحقولها.

القضية الفيلية ووفقا لهذا التصور الواقعي، تكتنف على جوانب تأريخية واخرى عرقية وسكانية، كما تكتنف على مقاربات قانونية ودستورية، وجغرافية وجيوسياسية، فضلا عن نفاذ المشكلات الأجتماعية والأقتصادية والأمنية الى عمق القضية، فضلا عن أنه ينبغي التسليم بأهمية العوامل الدولية والأقليمية، إن في تشكل المشكلة أو في توصيفها، أو في وضح الحلول المناسبة لها.

إذاً قضية بهذا القدر الكبير الواسع؛ من التعقيد كالقضية الفيلية، لا يمكن وضعها على سكة الحلول القابلة للطبيق؛ بالأماني والنوايا الطيبة، ولا بتعاطف غير الفيليين ومحبتهم ومودتهم وإهتمامهم، كما لا تكفي مقالة هنا أو منشور فيسبوكي؛ أو تغريدة تويترية هناك، للتشكي وعرض هبابة من مظلومية الفيليين..نعم كل ذلك مطلوب ومهم، في إطار حملة توعية وتعبئة للحق واسعة، لكن الأهم هو وجود جهة تفكير علمي، قادرة على صناعة إطار إستراتيجي لمجمل جوانب القضية الفيلية.

الموارد البشرية لأنشاء جهة التفكير العلمي التي نعنيها، والتي يمكنها مقاربة القضية بكل جوانبها، متوفرة داخل الجسد الفيلي، وهناك مئات إن لم نقل آلاف؛ من التخصصات العلمية والأكاديمية الفيلية، قادرة على رسم سياسات أستراتيجية؛ ووضع الحلول للمشكلات، وكل حسب حسب تخصصه.

العلماء والمخططون الأستراتيجيون، وأخصائيي العلوم السياسية الفيليون؛ موزعون على مراكز الدراسات والأبحاث، في الجامعات والمؤسسات العلمية والأكاديمية؛ المحلية والأقليمية وفي كثير من دول العالم المتقدمة، يحملون ألقابا علمية تشعرنا بالفخر والأعتزاز بهم وبعطائهم، العلمي والأكاديمي، الذي يقدمونه للأنسانية بسخاء مدهش، وحري بهم أن يلتفتوا الى أمتهم المظلومة، وأن يمنحوها أهتمامهم وبعضا من  ما في رؤوسهم، وبما يوصلنا جميعا الى هدف؛ أن يتبوأ الفيليين مكانتهم المستحقة في الوطن، ليروا ثمرة عطائهم الأنساني السخي.

مركز الدراسات والبحوث الفيلية، أكثر من ضرورة ملحة، ومقومات إنشاءه متوفرة على الأرض، وهو لا يحتاج إلا ألى الخطوة الأولى، وهذه الخطوة يجب أن تأتي؛ من العلماء والأكاديميين الفيليين أنفسهم، وأن لا ينتظروا قرارا حكوميا، أو توجيها من أحد، لكن قبل هذه الخطوة يتعين عليهم؛ أن يخطوا خطوة صغيرة لكنها مهمة جدا، وهي أنه يجب عليهم أن ينحوا جانبا، إنتماءاتهم السياسية والحزبية، وأن يتركوها على عتبة باب مركز دراساتهم وأبحاثهم، حتى لا يتفرقوا وتذهب ريحهم..!

لا نريد أن نصف هذه الجمهرة الطيبة؛ من أبناء الأمة بالتقاعس والإهمال، وإن كان بعض ذلك جزء من واقع الفيليين، إلا أنها مسؤوليتهم هم وحدهم، وليست مسؤولية سواهم، وهو دورهم التأريخي، الذي يجب أن يحملوا مسؤولية تخليهم عنه لا سامح تعالى..   

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك