المقالات

عبد المهدي بين التفويض المطلق والتقييد المطبق..!

1965 2018-11-29

كاظم الخطيب

 

رماه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء.
غصة في الحلق، وحسرة في الفؤاد، وخسارة ما بعدها خسارة، عندما ترى بأم عينك الخذلان، وتسمع بملء أذنك الأكاذيب، وتجد من يدعي إنه ولي أمرك فاسداً، والقائم على شؤونك خائناً ، والنائب عنك لتحصيل حقوقك؛ ناهباً لها.
قوى سياسية، وشخصيات قيادية، وكتل حزبية، تمتلك السيطرة المطلقة على إدارة وتوجيه دفة العمل السياسي في البلاد؛ إضطرت إلى دفع صولجان الحكومة إلى شخصية توافقية، بعد أن تراجعت حظوظها من التأييد الشعبي؛ نتيجة لما أفرزته الممارسة الإنتخابية الأخيرة.
عبد المهدي فرصة تغيير سانحة، وبادرة إصلاح لائحة، ولكن.
عبد المهدي خيار أجمع عليه كلهم، وفوضه جلهم، ولكن.
عبد المهدي رجل سياسة مستقل، وذو خط معتدل، ولكن.
أطلق بعض الساسة على حكومة عبد المهدي؛ بأنها حكومة الفرصة الأخيرة، بينما أطلق عليها بعض آخر؛ حكومة التفويض المطلق، لما قدمته معظم الكتل السياسية، للسيد عبد المهدي من تفويض بحرية إختيار الكابينة الوزارية لحكومته، وفقاً للمعايير الدستورية والقانونية، وبعيداً عن المحاصصة، التي أدخلت البلاد في أنفاق مظلمة من الفساد والتخلف والدمار.
إستبشر الناس بهذه الخطوة التي تعتبر بادرة طيبة؛ عندما تتوحد رؤية الطيف السياسي العراقي على إختيار رئيساً للوزراء، وأن تسمح له- الكتل والأحزاب السياسة- بأن يشترط عليها أموراً كأساس لقبوله بالوزارة.
ما أن شرع عبد المهدي في وضع آلية تشكيل حكومته وفق رؤيته الخاصة، إعتماداً على التفويض الذي أعطته إياه الكتل السياسية والتي ستقوم هي- آنفاً- بالتصويت على وزراء حكومته تحت قبة البرلمان، حتى وجد نفسه وسط متاهة من الضغوط السياسية لجهات وشخصيات سياسية كانت قد إعتادت التفرد بالقرار السياسي.
سجالات إعلامية، وتصريحات سياسية- فردية وكتلوية- وكأنها قد أخذت تفويضاً من الدكتور عبد المهدي برسم ملامح حكومته نيابة عنه، وتلميحات بإحتمال فشله- لا سمح الله- في إختيار كابينته الوزارية، فضلاً عن تنفيذ برنامجه الحكومي؛ من خلال الإيحاء بأنه سوف يكون مضطراً لمجاملة الكيانات والأحزاب؛ للحصول على الدعم اللازم لحكومته، كونه ليس لديه كتلة خاصة تدعمه تحت قبة البرلمان؛ مما سيجعل حكومته ضعيفة في حال أحجمت تلك الكتل عن تقديم الدعم له. 
(شحَدَه) كلمة تندر بها أحد النواب، في لقاء على إحدى الفضائيات؛ إشارة إلى عجز عبد المهدي عن الموافقة على ترشيح الفياض لوزارة الداخلية، وكررها مرة أخرى إشارة لعجزه كذلك عن رفض ترشيح الفياض لشغل وزارة الداخلية، مما يشير بوضوح إلى صعوبة المهمة التي يضطلع بها رئيس الوزراء المفوض. 
العبور مهمة يجب أن يشارك بها مجمل الجمهور السياسي العراقي، على إختلاف رؤاه ومذاهبه وتوجهاته، عبور ناجز من ضفة المحاصصة، والتخوين، وفقدان الثقة بالآخر؛ إلى ضفة الوطن والمواطن والوطنية، وعلى جميع الكتل السياسية، أن تعي بأن نجاحها مرهون بنجاح حكومة عبد المهدي، وإن فشله إنما هو فشل ذريع لها، وخطر قد يهدد مصيرها السياسي في البلاد.
على السيد عادل عبد المهدي، أن يكون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقه، وأن يطلب رضا الله ورضا نفسه ورضا الشعب، قبل رضا الكيانات السياسية، وأن يجعل من الشعب ظهيراً له، فإنه لن يخذله إن رأى فيه بادرة أمل، ومصداقية عمل. 
يا سيادة رئيس الوزراء، يا من آلت إليكم شؤون الرعية، وأنيطت بكم أعباء المسؤولية.. إسمع غير مأمور، وإنتبه غير غافل، إياك إياك من خدع الحاشية، ولا تجعل بينك وبين شعبك وسيطاً، وكن كما ظنوا بك، وإعطهم ما أملوا منك، وإفترش الوطنية، وإلتحف الجماهيرية، ولتكن المبادرة ضالتك، والخدمة صنيعتك، وإجعل لك من الفقير هدفاً، ولا تكن للفاسدين سنداً.
تحزب بجمهورك وتأدب بدستورك، وتعصب لوطنك؛ فإن في ذلكم الشرف الرفيع، والأثر البديع، وحسن الصنيع.. إشتر ذمم وزرائك، بمجد دائم، وحفزهم بأشرف الغنائم، بلد زاهر، وزهو باهر، وعز ظاهر، ليبروا به أهليهم، وينزهوا فيه أيديهم.
ضع بلدك على جادة الصواب، وكن واضحاً في الخطاب، ولا يتكلمن أحداً عنك غيرك.
أي عادل فز بها فما فاز بالذة إلا جسور، وما ركب المجد إلا غيور، فإحرجهم ولا تحرج نفسك، وإخذلهم ولا تخذل شعبك، فإن الشعب باقٍ، وهم زائلون.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك