المقالات

ديمقراطية الإمتيازات اللصوصية..!

1819 2018-11-18

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com

 

امضى العراقيون معظم القرن العشرين، وهم ينتقلون من حكم ملكي بِشاشةٍ برلمانيةٍ زائفة، الى سلسة إنقلابات عسكرية أستمرت عشر سنوات، الى الرزوح تحت طغيان البعث؛ الذي استمر اربعين سنة بالتمام والكمال، بكل آثامها وآلامها، وبديهي أن هذا الوضع القاهر، لم يترك لنا أرثا سياسيا لتداول سلمي للسلطة، عبر نوافذ الديمقراطية المعروفة.

لذلك فإن فهمنا للمارسة الديمقراطية؛ سيبقى قاصرا لفترة طويلة، تتناسب طرديا مع قلة خبراتنا ومعارفنا، بهذا الكائن الأسطوري الجديد، الذي اسمه ديمقراطية!

ستتعسر مهمة فهم الديمقراطية أمامنا؛ بشكل اكثر إضطرادا، مقايسة مع ما هو منتج ديمقراطيا عندنا الآن.

بناءا على هذا العُسر؛ فإنه ربما هنالك تعريف لا نعرفه للديمقراطية، يمكن أن يكون مخالفا  لنظام الحكم الديمقراطي، لكن قطاعا واسعا من صناع الرأي؛ يفهمون الديمقراطية من خلال أدبياتها المتداولة عالمياَ، على أنها تكريس سيادة الشعب، عن طريق وسائل الانتخاب والاقتراع، وذلك للتعبير عن إرادة الشعب؛ واحترام مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية.

يُفهمُ أيضا؛ أنه أذا كان النظام ديمقراطيا، فأنه أولى بالسلطات الثلاث؛ أن تكون البادئة بالخضوع الى القانون، لإعطاء أنموذجا مُحبباَ؛ يحتذى به للممارسة الديمقراطية، وذلك لضمان ديمومة النظام الديمقراطي، وتقديمه على انه أنموذجا صالحا؛ ومشوقا مقبولا قابلا للحياة.

أولى علائم خضوع سلطات الدولة الثلاث؛ لإشتراطات الديمقراطية، هو إفتراض زُهدها بالمال العام، وعدم مَدَ أعُنَها وأيديها إليه، وذلك بالتعاطي بحد مقبول مع الامتيازات الخاصة، للسلطات المكلفة بإدارة الدولة، لكي تكون هذه المؤسسات معبرة عن إرادة الشعب بأكمله..هذا هو فهمنا للديمقراطية بأبسط صورها.

لكن ما يسمى بالنظام الديمقراطي عندنا، نقض هذا الفهم وهدم أسسه، لأن السلطات الثلاث إياها، والمكلفة بإدارة الدولة؛ وفقا للعقد بينها وبين الشعب، والذي تم تجسيده بواسطة الانتخابات، فقد استحوذت مجتمعة على الامتيازات وبمستويات مرتفعة، كما استحوذت على المال العام بطريقة مشرعة من قبلها، أي بسن قوانين؛ تدعم سيطرتهم على الامتيازات والمال العام.

هذا التصرف لا يخالف جوهر الديمقراطية فحسب، لكنه بالحقيقة يمثل تصرفا لا أخلاقيا، لأنه يشكل لصوصية معلنة، مدعمة بقوانين سنوها بأنفسهم، ومن شأن ذلك أن يفتح الأبواب على مصاريعه،لإحتجاجات وإرتجاجات في وضعنا الهش أساسا.

قصة الأمتيازات والأستحواذات قصة لا تنتهي، ورفضها والإحتجاج ضدها؛ لا يمثل موقفاَ شخصيا لكاتب، بل هو موقف الملايين الذين ينظرون بألم بالغ؛ إلى ما بات في يد الساسة وكبار المسؤولين، من أموال عامة وامتيازات.

هذا الوضع يقدم صورة سيئة جدا للديمقراطية، جعلت كثيرين يترحمون على أنظمة القهر والإستبداد، ويعني فيما يعني؛ قصر نظر الطبقة السياسية المتمشدقة بالديمقراطية، وستكون عواقبه وخيمة بالتأكيد، وأول من سيتأثر بهذه العواقب؛ هم الطبقة السياسية ذاتها، وسيرون ذلك في قابل الأيام!

كلام قبل السلام: لإن الحقيقة تقاس بمعيار العمل المنتج، فإن آية الحق النجاح وآية الباطل الفشل..

سلام...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك