( بقلم : حميد الشاكر )
في البداية فليعذرني كل من يقرأ سطوري هذه عن موضوع الاعانات العربية التي يرّوج لها اعلاميا اليوم بمؤازرة لفيف من العراقيين من فنانين وغيرهم للاجئين العراقيين في الدول العربية ، ولعل سبب اعتذاري ينطلق من كون ان لي رؤية مختلفة نوعا ما للاهداف والمقاصد الحقيقية التي تقف وراء صحوة الضمير العربي المتأخرة تجاه الانسان العراقي المهجر من موطنه ومنشأ ولادته العراق ، مع اننا سوف نحترم على اي حال النوايا الصادقة التي تهدف للتقرب من الانسان العراقي والشعور بمعاناته بعيدا عن اعانته كمتسول على قارعة الطريق العربية !.نعم هكذا ايضا تنسحب رؤيتنا هذه حتى على المواد الاعلانية التي تروج من على شاشات الفضائيات العربية - ومع الاسف العراقية ايضا - وهي تطرح الانموذج العراقي من خلال محنته التي خلقها لهذا الانسان المحيط الاقليمي للعراق ، على اساس انه انسان يعيش في خربة ليس فيها حياة مطلقا لتنعكس صورة القديم الصدامي الذي كان مزدهرا والجديد العراقي الذي وصل الى حد الاحتضار النهائي !.
كل هذه الصورة الاعلامية لعراق اليوم والذي تحاول القنوات السياسية العربية اظهارها للعراق الجديد هي مثار علامة استفهام كبيرة بالنسبة لنا على الاقل باعتبار انها الصورة التي يريد ابرازها الاعلام العربي للانسان العراقي وليست هي الصورة التي ينبغي ان تنقل وبامانة لهذا الانسان الذي طالت معاناته بسبب السياسات البغيضة والطائفية للاقليم العراقي العربي وغير العربي ايضا !.
لنبدأ مع الفنان العراقي نصير شمة الذي دفع من قبل دولة عربية ليكون واجهة حملة التبرعات للاجئ العراقي في الدول العربية ، ولنتساءل مع الاخ شمة : هل يدرك الاخ نصير شمة كم هي عمر ماساة الانسان العراقي كلاجئ في مواطن الشتات ؟. واين كان شمة عندما كان الانسان العراقي يلاقي حتفه في بطون الحيتان وهو يعبر المحيطات هربا من بطش نظام صدام المشنوق بامر العدالة الالهية ؟. ولماذا لم نسمع اوتار نصير شمة تعزف للاجئ العراقي عندما وصل عدد اللاجئين العراقيين وصل الى الاربعة ملايين انسان خاج الوطن العراقي ابّان حكم المقبور صدام حسين ؟. وما الذي استجد اليوم ليعزف شمّة على عوده المبدع للاجئ العراقي بينما لم يكن الانسان العراقي من ضمن نوتة العود الشمّي انذاك ؟.وهل تغير لون او طعم او رائحة اللاجي العراقي مابعد سقوط صدام عن ماكان في السابق من انسان عراقي ليتحرك عود شمّة بهذا التوقد والحماس ؟!.
لاريب لدينا ان الاخ نصير وبعد هذه الحفاوة العربية بعوده القومي ، وبعد ان بنيت له البيوت العربية للعود العربي في مصر وغيرها ، اصبح اسيرا من غير شعور لهذا الكرم العربي الحاتمي الذي يدفعه اليوم لقيادة حملة التبرعات او التسول للانسان العراقي على حساب كرامة الانسان العراقي المراد اصابتها بالصميم في العراق الجديد ، ولعل وبالحق ان لشمّة نوايا صادقة في خدمة ابناء بلده من اللاجئين العراقيين في مهاجر الدول العربية ، ولكن ياشمّة بالامكان ايصال المساعدات العربية بلا هذه البروبجنده العربية وهذه الميديا المفتعلة والمزيفة لاظهار ان الانسان العراقي وصل الى مرحلة الاحتضار النهائية لذالك انتخت العقل الخليجية لاسعافه باياديهم البترولية السخية !.واسألك ياشمة بربك الذي تعبد : اين كانت هذه الايدي العربية السخية من اربع ملايين لاجئ عراقي يجولون الكرة الارضية بحثا عن لقمة رغيف ورصيف امن لهم ولاطفالهم ؟. والا تعلم ايها النصير الفنان ان اربع واربعين الف لاجئ اكلتهم الصحراء بسنوات عجاف في المملكة اللاعربية السعودية بعد انتفاضتهم على حكم المقبور صدام حسين بلا يد عربية تنتشلهم من جحيم الصحراء الى ان انقرضوا في الدول الغربية تماما !.
اين كان عودك باوتاره السحرية عندما كنا ننام مع الافاعي والعقارب في صحراء الجامعة العربية ولامن مغيث يغيثنا انذاك ؟. الحقيقة ان ما وجهناه الى العزيز شمّة هو موجه وبنفس الطريق الى الجامعة العربية وصحوتها المتأخرة لعرب العراق ، باعتبار انه وحتى هذه اللحظة هناك شكوك قوية بعروبة الشعب العراقي وهل هو عربي ام من كوكب اخر ؟.
ثلاث وثلاثون سنة من حكم حزب البعث العربي الاشتراكي بقيادة الزعيم ميشيل عفلق المتصل سببيا مع الاخ نصير شمّة ، والعراق ينزف لاجئين الى دول المهاجر العربية وغير العربية ولا من ملتفت لهم لا بنغمة لعود عربي ولا لغيره ، وبعد ذالك وما ان بدأ العراق الجديد يعود الى ابناءه الحقيقيين ليتنفس الحرية ويتطلع الى المستقبل بكل حيوية ، راينا هذه الهجمة الارهابية الاعرابية الشرسة على العراق واهله بقيادة الجامعة العربية بقطبي ال سعود وال مبارك ، وليتحول العراق بقدرة قادر من بغداد هارون الرشيد الى بلد الخراب والدمار واللاجئين وغيرها من كليشات الاعلام العربي الموبوء بسرطان التعفن والتخلف والانتفاع !.
ما يؤسف حقا ان هناك لفيف من الفنانين والمثقفين والسياسيين العراقيين الذين ضربت مصالحهم الحيوية لتذهب مع الذاهب من العراق صدام حسين ليشكلوا الواجهة لتلك الهجمة التي دمرت العراق بعد سقوط الطاغية صدام وتهدم اركان نظامه ، وعلى يد حثالة من الاعرابيين الارهابيين وغيرهم من الحاقدين على العراق واهله ومنذ الزمن البعيد ، اما اليوم وفي ضل تطلعات نصير شمة وغيره وما يوفره له الدولار البترولي الاعرابي فلسنا مضطرين للتعاطف مع مبادرة الاخ نصير شمة او الجامعة العربية لاعانة اللاجئ العراقي باعتبار ان العراق الجديد ملك لابناءه وابوابه مفتوحة لكل عراقي يريد الرجوع الى وطنه بلا خوف او خشية من ملاحقة مخابراتية او امنية تقض عليه مضجعه ، ولامطلب لنا من الجامعة العربية سوى حثها على عدم التدخل بالشؤون الداخلية للعراق وكف ايدي عتاة الارهابيين المصدرين من الدول العربية لداخل العراق لضرب امنه واستقراره من الداخل فحسب !.صحيح ان سبب عدم وجود الامن هو ليس العراق الجديد ، والخوف الكبير للانسان العراقي من العودة الى وطنه هي ليست الحكومة العراقية المنتخبة ، وكون الانسان العراقي يفضل اللجوء على العودة الى بلده هو ليس السياسيون العراقيون الموجودون الان في العراق يانصير شمة وياجامعتنا العربية !.
انما كل هذه الكوارث هي نتاج عبث الارهابيين العرب وغير العرب في العراق ، والانسان العراقي يخشى ارهاب الارهابيين القتلة من الصداميين والوهابيين التكفيريين في الشارع العراقي لذالك هو لايفكر بالعودة الى بلده ويفضل ان يكون لاجئا فحسب بسبب تعملق الارهابيين المساندين من قبل دول عربية متورطة في دمار العراق هذا ، فافهم هذا يانصير واجعل اوتار عودك الجميل تعزف ضد الارهاب بدلا من خدمة سلاطين الاعراب من الخليج وغيرهم من اللذين تعفنوا في سدة الحكم في مصر وغيرها ، ولاتبع عودك العراقي بثمن بخس واذكر ان المستقبل للعراق وليس لغيره !.
اخيرا : اود ان ارسل هذه الكلمة الاخيرة لكل المثقفين العراقيين والفنانين المغتربين واللاجئين السياسيين لاقول لهم :- بينما انتم تتألمون من حالة عدم الاستقرار الامني في العراق وتطالبون بكل قوة في تحسين اداء حكومتكم المنتخبة في ادائها الامني لتستقر الحياة في العراق ، انتم ومن الجانب الاخر وربما من لاشعور تساهمون في ادامة العذابات الانسانية لشعبكم العراقي !؟.
فعندما يخرج ذاك اليساري ليهاجم حكومته المنتخبة لالسبب الا لكونه متعاقدا مع قناة جزيرة الخنازير القطرية بعقد دولاري جيد ، هو يساهم بكل ما اؤتي من ثقافة لزعزعة الاستقرار في العراق الجديد ويحسب انه يحسن صنعا ، وكذا هذا الفنان الذي يقود حملة تظهر الوجه الكالح للانسان العراقي في عراقه الجديد الذي خرج من تحت عباءة الظلم الصدامية المنقطعة النظير ، هو كذالك يساهم بصورة مباشرة في قتل الامل في داخل الانسان العراقي بامكانية اعادة اعمار حياته العراقية من جديد ، اما تلك الجامعة التي فرقت العرب احزاب وطوائف فلا بارك الله في هكذا جامعة يقودها الحلف الوهابي من جهة والحزب الامريكي من جهة اخرى والسلام !.
https://telegram.me/buratha