المقالات

الرقابة البرلمانية ومفهوم الشراكة الوطنية


سعد الزيدي

 في العملية السياسية ينتج دستورياً أن تكون السلطة التنفيذية بيد الأغلبية ويتوجب عليها حفظ حقوق الأقليات التي ينص عليها الدستور، أن الحالة العملية لهذا المفهوم هو تكليف الكتلة البرلمانية الأكبر بتشكيل الحكومة وتتوزع باقي الكتل والإفراد الذين وصلوا إلى البرلمان في المعارضة البرلمانية، حيث يشغل كل منهم المساحة المخصصة لعمله تحت قبة البرلمان بدون اضطراب، وتداخل في الصلاحيات والمسؤوليات وفق ضوابط الدستور والقوانين، التي تترجم الدستور إلى اللغة العملية والتطبيقية، وبهذه الآلية تتكون الأرضية التي تلتقي عليها السلطات التشريعية والتنفيذية، لتحقيق أهدافها المشتركة في بناء الدولة، فتحفظ الحقوق وتنجز الإعمال ويصان الدستور، ويبقى هو المرجع في الخلافات السياسية، ولا تعلو عليه مصلحة فئوية او حزبية او شخصية، كما لا يجتهد في تفسير وتأويل نصوصه أي فريق، للاحتيال ضد فريق أخر، بل تضمن نصوص الدستور حسم التباين في فهم النص الدستوري، بالعودة الى المحكمة الدستورية المستقلة.

بهذا الفهم المشترك فأن المعارضة البرلمانية، تعبر عن حالة تكامل للحكومة، تجاه القضايا الأساسية والسياسة الخارجية، مع الاحتفاظ بالاختصاص في دور الرقابة والتشريع، وبهذا تعبر السلطات التنفيذية والتشريعية عن مسؤولية مشتركة، ولا تتقاطع فيما بينها إلا ما ندر خصوصاً في مرحلة التأسيس.

 أما حكومة الكتلة الأوفر حظاً من أصوات الناخبين، فأن حيازتها لمصادقة البرلمان وتصديقه لبرنامجها التنفيذي، من خلال قناعته بحصول التلاقي بين برنامج الحكومة ومتطلبات التنمية الشاملة تعتبر هي الأخرى حالة ايجابية، مثل هذه الأنظمة تكون فاعلة مع نسبة مقبولية عالية، والسلطات فيها تسير في مهامها سيرا ايجابيا، وهي متحققة في دول الغرب الأوربي المستقر سياسيا وفي دول الأنظمة الديمقراطية التي يقل فيها التباين بين المكونات  وتريد بناء أوطانها.

في العراق لم نجد ما يقارب هذا الفهم، عند من تسيدوا المشهد الحكومي، بحيث يصدق على وجود حالة تكاملية، ففي ظل الشراكة الوطنية التي أُريد لها أن تكون مشاركة فعالة، وتطبيق عملي لمبدأ المساواة في الحقوق والواجبات التي كفلها الدستور، برزت سلبيات خشنة لا تبرير لها ولم يكن مصدرها الحداثة في الفهم الديمقراطي للشراكة الوطنية ولا غيره من الاحتمالات المقبولة في جو الشراكة، بل يندرج في خانة تحريف الشراكة الوطنية، لتصبح احتيال واستغلال وتآمر، في آلية عمل منحرفة للتطبيقات الديمقراطية، ففي الوقت الذي أردة  الغالبية من مفهوم الشراكة رداً عمليا على حالة التغيب التي مارسها النظام ألبعثي ألصدامي المباد وأن لا تتعارض مع وجود الأغلبية البرلمانية و تعكس التعددية.

إن  من لا عهد له بالوفاء اغتنم السلطة فرصة لتحقيق مأرب غير مشروعة، لا يضمنها شرع ولا عرف، و سمح هذا المنهج النفعي للسلبيات أن تتراكم، وغيب الثقة المتبادلة،  ومارس أبشع السبل لإفساد العملية الديمقراطية، ويتمادى في العمل المعاكس، فتتحول الألفة الوطنية إلى حرب طائفية وبالتالي خراب البلد، مثل هكذا شريك لا يصح ان تشكل معه حكومة شراكة وطنية، وإن تشكلت سيكون بنيانها اوهن من بيت العنكبوت.

لقد مارست بعهض الكتل البرلمانية طيلة الدورة البرلمانية السابقة في البرلمان دور المنبه الرقيب، حيث تنبهت إلى تعطل حركة المجتمع، في لعبة جر الحبل التي يمارسها الآخرين، بل أكثر من ذالك عمل بعضهم على إفشال التجربة الديمقراطية في العراق.

 من هنا كانت أهمية المواقف المسؤولة، التي تدعو إلى النظر بعين الحرص على مصلحة المواطن العراقي، لترسيخ مبدأ الشراكة الحقيقية المسؤولية، والحرص على تقريب وجهات النظر في المسائل الخلافية، والاحتكام الى الدستور، فهي بحق كتلة الحفاظ على الدستور والقانون وبالتالي كتلة مصلحة المواطن.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك