المقالات

ما تبقى مِن اللُحّمة الوطنية..!

1801 2018-09-28

أثير الشرع

بلدٌ ولِدت فيه أولى الحضارات، بلدُ الأنبياء والأوصياء والأئمة الأطهار، بلدٌ متعددْ الأعراق والإنتماءات، تعرض إلى أبشع المؤامرات والحروب، ولم يزل كذلك، خِلافٌ وإختلاف في كُلِّ صوابٍ وخطيئة؛ سياسة وأدت فرحة التغيير، وحولته إلى صدمة وكابوس، البلد يسير نحو طريقٍ لا يعلمُ أحداً أين سينتهي.

أهم الأسباب التي أدت الى إنهيار الأوضاع وخاصة الأمنية، كان أولها : إعتماد مبدأ الولاءات، وتهميش الكفاءات وحرمانهم من خدمة وطنهم، وأيضاً المرحلة الإنتقالية من جمهورية الخوف والرعب والحروب المستمرة، إلى جمهورية تبنت الفساد والظلم وقساوة التعامل مع المواطن، يقيناً.. إن التأريخ سيُثبّت بأن المرحلة التي أسموها بـ "الديمقراطية" كانت الأكثر فساداً والأكثر ظلماً، كما أثبت إجرام الطاغية بقمعه شعبه وقتله بدمٍ بارد.

عانى الشعب الأمرّين من النظام السابق؛ وتعرض على أيدي جلاوزة البعث وجيوشه المارقة، إلى أبشع الجرائم كذلك حال المواطن العراقي، بعد عام 2003.

لقد إستمر النظام الحالي بممارسة الظلم، وأكمل مسيرة النظام السابق بتنفيذ أجندات خارجية، غايتها تدمير المجتمع العراقي خاصة والعربي عامة؛ وإذلاله وتركيعه للقبول بما تمليه أمريكا وأعوانها، والرضوخ لمطالبها والعودة إلى الإنتداب.

لم تنجح الحكومات التي تسلمت زِمام الأمور والسُلطة في العراق الحديث؛ إلى تكريس الوحدة الوطنية، وتوزيع ثروات العراق وإرضاء جميع الطوائف والأديان والمذاهب، التي يتكون منها الشعب العراقي، بل شعر المواطن العراقي ككل، بالغُبن والإجحاف؛ ويعتقد إن النظام الجمهوري في العراق، لم ينجح بإستثناء الزعيم عبدالكريم قاسم، الذي حكم العراق في الفترة الذهبية، وحقق للعراق ولشعب العراق الشيء الكثير، أن إعتماد نظام جمهوري- شمولي، في عهد النظام السابق، وجمهوري- ثيوقراطي في العهد الحالي، كلاهما لم يأتي بمنفعة للعراق؛ وسار به نحو الهاوية.

نجح النظام البعثي السابق، بتأجيج الفتنة الطائفية الخجولة، التي كانت كامنة آنذاك، وأُعلِنَت بِغباءاً سياسياً في العهد الحالي، والطائفية كانت من الأسباب الرئيسة لسقوط مدينة الموصل، من خلال سياسات خاطئة يتحمل المتطرفين من السياسيين السنة، الأخطاء الفادحة التي بسببها مُنيت العملية السياسية بالإنهيار دون إعلان ذلك صراحةً، الصراعات الداخلية.. بين الأحزاب المنضوية تحت كتلٍ كبيرة، من الشيعة والسنة والكورد، كانت أحد الأسباب المهمة بفشل معظم الحكومات المتعاقبة، لإدارة جميع الملفات الخدمية والأمنية، فما يحدث من صِراع داخلي، كان نتيجة تحريض خارجي، وتحاول بعض الأطراف تأزيم المواقف، من خلال بث تصريحات علنية أو سرية، لخلق أزمات وتأجيج خلافات.

إن دافع الأنتقام أدى إلى إنهيار أغلب المحافظات العراقية، فمازال الإنتقام سائداً، ودماء الأبرياء تسيل بغزارة، والمشهد السياسي يميل إلى التعقيد؛ بسبب غياب مبدأ التسامح ونبذ الفرقة، وتجاهل ونسيان رعونة النظام البعثي وما أتى بعده من جهل سياسي، لم يتبقى من الهوية الوطنية، إلاّ ثُلة قليلة؛ تحاول إعادة عقارب الساعة إلى وراء؛ لتصحيح المسار السياسي، وتعديل السياسات الخاطئة التي أنتهجت، وبناء جيش وطني قوي.

يؤسفنا القول.. إن الثقة ما بين مكونات الشعب العراقي، قد هُدمت؛ بسبب السياسات الطائفية السابقة والحالية، وذلك يُهدد البلاد بالتقسيم الى أقاليم ودويلات، ليعبث القاصي والداني بثراواتها وخيراتها، وفعلاً بدأت بعض المحافظات العراقية بالمطالبة الجادة للإنفصال، على أساس عرقي طائفي.

نُطالب هنا.. ذوي العقول النيرة والحِكمة، بالإسراع بنزع فتيل السياسات الخاطئة الطائفية الممزوجة بروح الانتقام، وتعديل القوانين المشبوهة، وسَن قوانين بديلة تتيح لجميع أبناء الوطن الواحد للعيش في مجتمع مسالم، خالٍ من العداء، وهذا ما سيحافظ على ما تبقى من اللحمة الوطنية، ومنع التدخلات الخارجية وإفشال الإستراتيجيات الدولية، التي تهدف الى إخفاء الدولة العراقية نهائياً، وطمس الهوية العراقية، ودفع البلد نحو الإنهيار الكامل، والذي لا يرغبه كل عراقي بالتأكيد.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك