( بقلم : حامد جعفر )
اشترى قريب لي بيتا فخما في شارع فلسطين وفرح به كثيرا لحديقته الغناء ومنطقته الراقية , الا انه اكتشف بعد حين اخطاء كارثية في البناء , وكان ذلك يوجب عليه كل عام ان ينفق كل ما يدخره من مال على اعمال الصيانة والتعمير فقط لتجنب انهيار هذه الدار , حتى غرق في الديون فاضطر اخيرا الى بيع الدار وشراء اخرى في منطقة اقل رقيا بكثير لسد ديونه والاستفادة مما تبقى من ماله لتوسيع البيت الجديد .. قام المالك الجديد بهدم الدار وبنائه على اسس متينة وهندسة صحيحة ومنذ ذلك اليوم صار البيت كالجبل الشامخ لم تهتز جدرانه ولم تتصدع حيطانه حتى من دوي الصواريخ وانفجار المفخخات.
وهذا هو حال الجيش العراقي في عهد صدام فقد كان كبيرا ومزركشا ولكنه لم يكن مبنيا على اسس سليمة فقد بناه كيفما شاء وعبث به عبث الطفل بلعبته فلم ياخذ بعلم المهندسين ولانصح الناصحين فاصبح جيش صدام كالعمارة التي انهارت قبل ايام في الاسكندرية, فقط لمحاولة مالكها القيام ببعض الترميمات. كانت قصة صدام كقصة ذلك الجمل العجوز الذي حملوه ما لا يطيق فاخذت قوائمه ترتعد من وطئء الثقل حتى جاءت ريشة يحملها الهواء وحطت على ظهره وهو يرنو اليها بعينيه الكئيبتين . فما ان حطت على ظهره حتى قصمته وسقط ميتا.
والواقع ان صدام نفسه هو الذي الغى الجيش العراقي الوطني بعد ان جمده واحتقره وجعله كخيال المآتة وانشأ بدلا عنه جيوشا من آكلي لحوم البشر مثل فدائيي صدام وجيش القدس والجيش الشعبي والحرس الخاص وقوات التدخل السريع وقوات الامن والمخابرات , ذلك لان صدام لم يكن يأمن جانب هذا الجيش المنبثق من الشعب والذي تمرد عليه مرارا ولذلك اعدم الالاف من ضباطه ومراتبه من مختلف اطياف الشعب , فكان محمد مظلوم شهيد الانبار وراجي التكريتي شهيد صلاح الدين وبارق حنطة شهيد الجنوب والقائمة تطول وتطول.
واليوم نسمع اصواتا نشازا مثل صوت ملك الارهاب ومخرج افلام صابرين وماشاكلها, حارث الضاري ورفاقه ينادون باعادة الجيش السابق وفي الحقيقة انهم يريدون اعادة اجهزة صدام العسكرية خصوصا املا بالقيام بانقلاب في غفلة من الزمن لسرقة الحكم والاستئثار به واذلال الشعب وسرقته . هذا مايريده الضاري وانصاره من بقايا مجرمي البعث الغادر . ولايعجبهم مايرون من عودة الكثيرين من الجيش الوطني السابق الى الويتهم الحديثة ليقوموا بخدمة شعبهم والدفاع عنه ومطاردة مجرمي الضاري والبعث والقتلة تحت كل نخلة وخلف كل صخرة .هذا هو عبود كنبر الذي صمد امام طائرت التحالف الثلاثيني في معركة الكويت ولم يطع صداما عندما امره بالانسحاب والفرار , يقود اليوم خطة امن بغداد وهذا وزير الدفاع وهو العسكري المهني القديم ينظم وزارته على احدث مايكون من التكنولوجيا الحديثة والتربية العسكرية الصحيحة .. اذن لماذا يبكي الضاري ؟ لقد سقط الحجاب عن وجهه وبان للقاصي والداني غرضه الدنيء ... ومن هنا نقول ان الجيش االعراقي الحقيقي لم يحل بل اعيد تشكيله من جديد .. اما حل جيش صدام فكان قرارا صائبا.
حامد جعفر صوت الحرية
https://telegram.me/buratha